الكاتبة - نور
كلُّ منا لديه ذلك الغصن الذي يتمسك به. وأيضًا، أدركتُ أن الحياة ليست سوى سلسلة من الغصون التي نتمسك بها. ومهما كانت الرياح قوية، يبقى هناك من يستند إليهم القلب، ويجد فيهم ملاذًا، مثل وجود الأب والأم والعائلة والأصدقاء.
هنا أمسكتُ قلمي، ونثرتُ حروفي، لأصور مشهدًا شاهدته في لحظة من لحظات الحياة. تلك اللحظات التي أيقظت حروفي، فكانت كما لو أنني كنت أراقب لوحة من ألوان الحب والتضحية والإهتمام والأمل والنور. وكل كلمة كتبتُها لم تكن إلا ترجمة لتلك الصورة التي نقلتها إلى الورق، كي تبقى حية في ذاكرة الكلمات.
كنتُ في زمنٍ ما هشًّا، ضعيفًا، وكأن الحياة قد ابتعدت عني. كنتُ في حاجةٍ إلى من يمد لي يد العون، إلى من يعيد لي الأمل. وجدتُ فيك ذلك السند الذي يعيد لي النبض، فكنتَ كالغصن الذي أتمسك به. وفي لمسة وجودك، عادت الحياة إليَّ من جديد.
كما يعود الغصن المكسور ليحيا، وتنبت أوراقه، وتفتح بين يديه الزهور، كذلك كنتَ. إذ وجدتُ فيك الأمل الذي أعاد لي كل شيء. كانت أوراقي التي جفت تحت وطأة الزمن تبتسم مجددًا، وتلعب في عيني الحياة. تفتحت الأزهار في قلبي، وكأن كل لحظة كنتَ فيها معك كانت سرًّا من أسرار الحياة نفسها.
أنتَ الضوء الذي عاد إلى ظلامي، وكنتَ الغصن الذي أتمسك به. فما كان لي أن أستعيد نفسي لولا وجودك الذي منحني القوة. فكل لحظة معك هي فصل جديد في حياةٍ لا نهاية لها من الأمل والنمو.
أنتَ الأمل الذي كان في أفقٍ بعيد، ولكن بفضل وجودك أصبح الأفق أقرب. أعدتَ لي الحياة، وأعطيتَني السبب لأنمو من جديد، كالغصن الذي أتمسك به ليعود مزهرًا بعد خريف طويل.
أنتَ الغصن الذي أتمسك به، وبدأت كل الجراح تُشفى، وكل الهمسات تتحول إلى ضوء يملأ السماء. معك، تعلمتُ أن الحياة تُمنح في لحظاتٍ كنا نعتقد أنها النهاية، وأن كل غصن مهما جفَّ، يمكنه أن ينبض بالحياة إذا لامسته يد الأمل.
أنتَ كالغصن الذي أتمسك به. في لحظاتٍ كانت فيها الحياة خالية من الألوان، كنتَ أنتَ الضوء الذي أضاء دربي. كنتَ غصنًا ضعيفًا في البداية، ولكن حينما أمسكتُ بك، عادت إليَّ الحياة من جديد وبدأت أوراقي تخضرّ، تنبض بالقوة التي وجدتها فيك، وأزهاري تفتحت كما لو أن كل لحظة معك كانت فصلًا جديدًا من الفصول المفقودة.
كما أن الغصن، مهما بدا ضعيفًا، يستطيع أن يستعيد قوته إذا لامسته يد الحياة، كذلك كنتَ أنتَ. أنتَ من أعدتَ إليَّ الأمل، وجعلتني أؤمن أن الأيام القادمة تحمل في طياتها بداية جديدة. فيك وجدتُ قوتي، وكنتَ السبب في أنني عدتُ أزهر بعد جفاف طويل.
أنتَ الغصن الذي لا أستطيع العيش بدونه، لأنك ألهمتني أن أكون أفضل، وأن أستعيد نفسي بكل شجاعة، وأقف مجددًا في وجه الرياح.
أنتَ كالغصن الذي أتمسك به. كنتُ في لحظات ضعفي، أبحث عن شيء يثبتني، عن نقطة ارتكاز تعيد لي التوازن. وكالغصن الذي يحتاج إلى دعم ليظل قائمًا، كنتَ أنتَ ذلك الدعم الذي منحني الاستقرار. عادت إليَّ الحياة من جديد بعد أن كنتُ في مرحلة جفاف، حيث كنتُ في حاجةٍ إلى من يمد لي يده ليعيد لي القوة.
كما يعود الغصن الذي يكتسب الحياة من التربة، بدأت أوراقي تنمو من جديد، وتفتحت أمامي آفاق جديدة. كل لحظة كنتُ أتمسك فيها بك، كانت بمثابة خطوة نحو التعافي والنمو. أنتَ من أعادني إلى الحياة، لا بحبٍ فقط، بل بتلك القوة التي تجسدها في وجودك، وهي القوة التي ألهمتني أن أواصل وأقف مجددًا.
أنتَ الغصن الذي أتمسك به، لأنك كنتَ السبب في أنني أتمكن من الوقوف بثبات، بعد أن كنتُ في أمس الحاجة إلى دعم. وكلما مرَّ الوقت، أصبحتُ أكثر قدرة على أن أنمو وأزدهر بمفردي، ولكنك كنتَ دائمًا ذلك السند الذي لا أستغني عنه.
فهذا ما استطعتُ سرده. ليس من تجربتي الخاصة، بل مما رأيتُ بعينيَّ فيهم. كان لسانهم يتحدث دون أن ينطقوا بالكلمات، كنتُ أرى في عيونهم قصة من التضحية والتفاني. كانوا مثل غصنٍ صغير ينحني عندما تحتاج الرياح إلى أن تلمسه، ولكنه يعود ليبقى ثابتًا في وجه العاصفة.
فقد رأيتُهم جميعًا، متمسكين ببعضهم البعض. كل واحد منهم جزء من الغصن الذي يحملهم. كان المشهد وكأن كل واحد منهم يروي قصته في صمت، يترجمها إلى أفعال من العناية والإهتمام، وكأن الغصن الذي يمسكون به هو حياة بأكملها.
كأن لسان حالهم يقول:
“نحن هنا دائمًا، نكون معك مهما طالت الأيام، نقف جنبًا إلى جنب لتعيدنا الحياة إلى بعضنا. لا شيء في العالم يفرقنا، طالما نحن غصن واحد.”