مُختبر الحياة ..

سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

مُختبر الحياة ..


في حياتنا اليومية، يتجاوز اختلافنا بين ما نقوله وما نفعله وهو واقع وحقيقة لا يمكن حقيقة تجاوزها أو غض النظر عنها. ففي العديد من المواقف، نجد أنفسنا نتصرف بطرق تتعارض مع مبادئنا وقيمنا الأساسية. فمثلاً قد نَدّعِي الفضيلة والأخلاق، ولكن في الواقع، نتصرف بطرق لا تتفق مع تلك المبادئ بأي شكل كان. وواحدة من أسباب هذا الإختلاف الكبير هي أننا غالباً ما نختار مبادئنا وأخلاقنا وفقاً لمصالحنا الشخصية وليس وفقاً لما هو صحيح وصواب ويناسب القيم والمبادئ والأخلاق.
فقد نتجاهل القيم المعترف بها عندما تتعارض مع المصلحة الشخصية، ويمكن أيضاً أن نضحي بالأخلاق والإختيارات الصائبة لأننا نسعى لتحقيق هدف شخصي معين أو لأننا نخشى عواقب محتملة، على الرغم من أن هذا النوع من التصرف غير لائق بطبيعته ويظهر نقائص في شخصية الفرد.
وبالإضافة إلى ذلك، قد نجد أنفسنا ندعي الفضيلة والحكمة في حياتنا العامة والإجتماعية، ولكن في الواقع، لا نرقى إلى مستوى هذه المبادئ. فقد نعرف ما هو الصواب والصحيح، ولكننا نجد صعوبة في تطبيقه على أرض الواقع. فنحن اليوم نتباهى بمثل هذه القيم ونعلقها على جدراننا ولكن في أفعالنا نرى نقصاً كبيراً،
ولذلك نحن بحاجة لتوخي الحذر والتفكير العميق قبل أن نرتدي معطف الفضيلة ونَدّعِي الإلتزام بالقيم والمبادئ. فيجب حينها أن نتساءل عما إذا كانت أفعالنا واختياراتنا تُعبر عن قيمنا الحقيقية وإن كانت فصولها تتفق مع ما نقول ونعلن علناً، فإن تحقيق التوازن بين ما نقوله وما نفعله يعزز من نزاهتنا ويساهم في بناء شخصية أكثر تماسكاً وصدقاً. وعلينا أن نكون صادقين مع أنفسنا قبل أن نطلب من الآخرين أن يُصدقون فيما نعلنه، فالتفاصيل تكمن في تحقيق الإنسجام بين قولنا وفعلنا.
فعندما نعيش وفقاً لقيمنا الحقيقية، نبني لأنفسنا هوية مميزة وقوية، وإذا كانت قيمنا مبنية على النزاهة، العدالة، الصدق، والعطاء... فعلى سبيل المثال، يصبح من الضروري تجسيد هذه القيم في كل تفاصيل حياتنا. ليس فقط عندما يُراقبنا الآخرون، بل حتى عندما نكون وحدنا، لأن النزاهة والصدق هما مقياس لمدى توافقنا مع أنفسنا.
وعلى الرغم من ذلك يجب أن نتذكر أن تحقيق التوازن بين ما نقوله وما نفعله ليس مهمة سهلة، فهي تتطلب تحفيزاً دائماً للنمو الشخصي، ويمكن أن تكون التحديات والمغريات والضغوط الخارجية عوامل تؤثر على قدرتنا على الإلتزام بقيمنا. ومع ذلك، يجب أن نبذل جهداً مستمراً لتطوير قوة الإرادة والوعي، وتذكير أنفسنا بالسعي نحو النمو الشخصي والإنسجام بين قولنا وفعلنا.
وإذا كنا نَدّعِي الفضيلة والأخلاق في حياتنا اليومية، فيجب أن نكون جادين في تحقيقها بالفعل. فليس مشروطا أن يكون تحقيق هذا التوازن مفاجئ فيمكن أن يكون تدريجياً، حيث نبدأ بالخطوات الصغيرة ونعمل بنية أساسية قوية تساعدنا على التغلب على التحديات.
فالتسليم بالأفعال والأقوال تحدي يستحق المواجهة، وإنه مفتاح للنمو الشخصي وبناء علاقات مؤثرة وناجحة مع الآخرين. فعندما ينطبق ما نقوله  على مع ما نفعله، نصبح نموذجاً للنزاهة والأمانة، ونسهم في بناء مجتمع أكثر صدقاً وتلاحماً. لذا، لنتحلّى بالشجاعة لتحقيق التوازن بين قولنا وفعلنا، ولنبني علاقة أقوى مع أنفسنا ومع من حولنا، ولنساهم في بناء خيرٍ أكبر في عالمنا،
وعندما نفهم أن التزامنا بالقيم لا يخدم فقط مصالحنا الشخصية، بل يسهم أيضًا في بناء عالم أفضل للجميع، نكون أكثر اهتماماً لتحقيق التوازن بين قولنا وفعلنا. فإذا أردنا أن نعيش في مجتمع يسوده الإحترام المتبادل والنزاهة، فعلينا أن نكون قدوة في تطبيق هذه القيم.
وفي النهاية أقول أن تحقيق التوازن بين قولنا وفعلنا يعكس تطورنا الشخصي وازدهارنا الروحي. فهو مسيرة لا نهاية لها نحو تحقيق توافق حقيقي بين ما نَدّعِيه وما نُمارسه، وبذلك نصبح أفضل نسخ لأنفسنا ومساهمين إيجابيين في العالم من حولنا .


الكاتب / طارق محمود نواب
اعلامي بشبكة نادي الصحافة


غاليه الحربي غاليه الحربي
المدير العام

المالكة ومدير عام ورئيس تحرير صحيفة شبكة الصحافة للنشر الالكتروني - مدير عام المنابر التعليمية والتربوية بالشبكة

0  381 0

الكلمات الدلالية

آخر المعجبين بالخبر

التعليقات


اكتب تعليقك هنا

اخبار مشابهة

اخبار مقترحة