أقنعة بلا روح
بقلم : بدرية الجبر
عِنْدَمَا يُصَابُ الْإِنْسَانُ بِوَعكة صِحيِّة يَتَّجِهُ لله تَعَالَى ثُمَّ لِكُل ما في الطَّبِيعَةَ وَ يَتْرُكُ المَأْكُولَات باشكالها وَ أَلْوَانهَا وَيَلْجَأُ للإستشفاء بَعْدَ اللهِ تعالى بِالأَطْعِمَة الصِّحية و الْأَمَاكِن المفتوحة و الهَوَاءَ النَّقِيَّ وَهَذَا الأَصْل يُعْتَبر قَاعِدة ثَابِتهدة فِي " زَمَنَ الْمُلَوَّثَاتِ مِنَ الْأَغْذِيَةِ الغيرِ صحيَّةَ " و هُوَ تَمَامَا ما يحدث فِي دَهَاليزِ التَّجْمِيلِ وَالْأَنَاقَةِ فِي " زَمَنَ الأقنعة"، لقَدْ كثْرٌ فِي الآونة الأخيرة اِسْتِخْدَامَ أَقْنِعَةِ التَّجْمِيلِ بِشَكْلِ خَطِيرِ جِدًّا يَتَجَاوَزُ المَرْحَلَةُ الْأوْلَى التي دَخْل فِيهَا النَّاسَ للتَّصْلِيح وَالتَّعْدِيل وَالتَّنْظِيف و اصلاح مَا افسده الدَّهْرَ، إِلَى حَيْثُ مَرْحَلَةٍ تَبْرُزُ حَالَةُ مَرَضِيَّةُ يَبْحَثُ فِيهَا المَرِيضُ رَجِلًا كَانَ أَو امْرأَة عَنْ عَمَلِيَاتِ تَحْدِيدٍ و تَضْخِيمِ و فَكٍّ و تَرْكِيب و شَفْط و نَفَخَ و نحت تَحتَ مُسَمَّى " رِتُوشَ التَّجْمِيل" لَيْسَ لِتَصْلِيح مُشَكَّلَة صِحِّيَّة تُؤْثِرُ فِعْليا عَلَى سَلَاَمَةِ الْأَعْضَاءِ و الحَوَاسِّ و تَقَفٍّ عَائِقِ لِمِشْوَار الحِيَاة. لَكِنَّهَا مَقَايِيس و مَعَايِير لَا تكَونٌ سوى فِي السيَّارَاتِ و هَيْكَلَتِهَا.
لقَد دَخْل الطمَع فِي مَزِيدًا مِنَ الجَمَالِ المُتَفَرِّدِ وَ الْأُسْطورِيُّ لِبَعْضِ النُّفُوسِ التي لَا تَرْتَكِزْ عَلَى القَنَاعَة و الثِّقَة و مُصَابَة بِمُتَلَازِمَةِ الشُّعُورِ بِالنَّقْصِ الدَّاخِلِيِّ لحِينَ احْتَضَرَت النضارة الطبِيعِيَّةَ وَ تَحَوَّلَ الْبَعْضُ إِلَى تَشْكِيل هَنْدَسِيِّ يَحْمِلُ جَمَالُ الدَّمَّى بِلَا روْح.
الْمُؤْسِف أَنَّ مِنْ طَرق هَذِهِ الْأَبْوَابِ أَدمن العِيَادَاتِ وَ الْأَبَرْ وَ لَا يَقِفُ إِلَّا عِنْدَ " نُقْطَةَ التَّشَوُّهِ " فَيَبْدَأُ مِشْوَارُ العِلَاَجِ للعيوب.
لِقَدَّ خَلْقُ الله الإنسان ليشبه نفسه و يرتبط بذاته و يمتزج بملامح روحه الداخلية ويملك لغةٌ جسدْ تأخذَ مِنْ ملامحهِ ليكونَ هناكَ " القبولَ " - وهيَ كلمةٌ رديفةٌ للجمال - فيقال فلانٌ لديهِ قبول أي يُرِيحُ النَّفْس و البَصَر، فَالنَّظَرُ لِلْمَلَاَمِحَ يُعْطِي الْإِحْسَاسُ بِالطُّمَأْنِينَةِ، و الحَقِيقَةِ أَنَّ أؤلئك الطامعيِن يُعَانُونَ مِنَ التَّضَادِّ مَعَ أَنَفْسُهُمْ وَلَا يَعْلَمُونَ ما يريدون فِعْلياً فمٌع ضعّفهم الداخليّ تُحِيطُ بِهُمِ المُغْرِيَات مِنْ إعْلَاَنَات لِعِيَادَات التَّجمِيلِ و الأجهزة الحَديثَة وَالْاِنْغِمَاس بفلاتر التَّطبِيقَات وَ تَقْليد المَشَاهِير لِحَيْن وَقَّعُوا فِي إِدْمَان اَلسَّفَّاحِينَ مِنْ أَطِبَّاءَ لَا يَرَوْنَ إِلَّا المَال.