عيد الرفاعي يكتب عن التأسيس وبداية الدولة السعودية ودور قبيلة جهينة
الكاتب / عيد راشد الرفاعي
لقد شهدت الجزيرة العربية تحولات كبرى على مر العصور، إلا أن تأسيس الدولة السعودية كان حدثًا فارقًا في تاريخها السياسي والاجتماعي. جاء هذا التأسيس نتيجة لحركة إصلاحية قادها الإمام محمد بن سعود بالتعاون مع الشيخ محمد بن عبد الوهاب في القرن الثامن عشر الميلادي، حيث قامت الدولة السعودية الأولى على مبادئ الدعوة السلفية وتوحيد أراضي الجزيرة تحت راية واحدة.
الدولة السعودية الأولى (1744-1818م)
بدأت الدولة السعودية الأولى في الدرعية عام 1744م عندما التقى الإمام محمد بن سعود بالشيخ محمد بن عبد الوهاب، واتفقا على إقامة كيان سياسي قائم على تطبيق الشريعة الإسلامية ونشر العقيدة الصحيحة. توسعت الدولة في الجزيرة العربية، ونجحت في توحيد العديد من القبائل تحت رايتها، مما جعلها قوة مؤثرة. إلا أن الدولة واجهت حملة عثمانية بقيادة والي مصر محمد علي باشا، والتي انتهت بسقوط الدرعية عام 1818م.
الدولة السعودية الثانية (1824-1891م)
بعد سقوط الدولة السعودية الأولى، لم تنطفئ جذوة الحكم السعودي، حيث أعاد الإمام تركي بن عبد الله تأسيس الدولة السعودية الثانية عام 1824م واتخذ من الرياض عاصمة لها. استمرت هذه الدولة في محاولات توحيد الجزيرة، لكنها واجهت صراعات داخلية انتهت بسقوطها عام 1891م.
الدولة السعودية الثالثة وتوحيد المملكة (1902-1932م)
جاءت المرحلة الحاسمة في عام 1902م عندما نجح الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود في استعادة الرياض، ليبدأ رحلة توحيد أقاليم الجزيرة العربية. وبفضل حنكته السياسية وعزيمته، تمكن من السيطرة على نجد، ثم الأحساء والحجاز وعسير، حتى أعلن في 23 سبتمبر 1932م توحيد البلاد تحت اسم "المملكة العربية السعودية".
دور قبيلة جهينة في تأسيس الدولة السعودية
كانت قبيلة جهينة من القبائل العربية العريقة التي لعبت دورًا مهمًا في تاريخ الجزيرة العربية. وقد كان لها إسهامات بارزة في مراحل تأسيس الدولة السعودية، حيث وقفت إلى جانب آل سعود في العديد من المعارك، وساهم رجالها في نشر الأمن والاستقرار في المناطق التي خضعت للحكم السعودي. كما كان لأفراد القبيلة مشاركة فعالة في الجيش السعودي، سواء في توحيد البلاد أو في الدفاع عن أراضيها.
عُرفت قبيلة جهينة بولائها للإمام محمد بن سعود، ثم دعمت جهود الملك عبد العزيز في استعادة الحكم وتوحيد البلاد، وشاركت في بناء الدولة الحديثة عبر مختلف المجالات العسكرية والإدارية.
المملكة العربية السعودية ودورها السياسي الدولي
مع تطور المملكة العربية السعودية، أصبحت لاعبًا رئيسيًا في السياسة الدولية، حيث لعبت دور الوساطة بين الدول العظمى مثل الولايات المتحدة وروسيا، وساهمت في تهدئة النزاعات الدولية وتعزيز الحوار بين الأطراف المتنازعة. كما عملت السعودية على بناء تحالفات استراتيجية مع القوى الكبرى لضمان الاستقرار العالمي وتعزيز مصالحها الوطنية.
السياسة الاقتصادية للمملكة
يُعد الاقتصاد السعودي من أقوى الاقتصادات في العالم، حيث يعتمد بشكل أساسي على صادرات النفط، لكنه توسع ليشمل العديد من القطاعات الأخرى مثل الصناعات البتروكيماوية، التعدين، والسياحة. تمتلك المملكة العديد من المصانع التي تنتج مختلف المنتجات الصناعية، مما يعزز مكانتها الاقتصادية عالميًا.
الصادرات والصناعات السعودية
تتنوع الصادرات السعودية بين النفط والبتروكيماويات، بالإضافة إلى المنتجات غير النفطية مثل المعادن، المنتجات الزراعية، والمعدات الصناعية. وقد عملت المملكة على تعزيز قطاع التصنيع المحلي عبر إنشاء المدن الصناعية والمجمعات الإنتاجية التي تدعم التنويع الاقتصادي.
التعليم وتطور الجامعات في المملكة
شهد قطاع التعليم في المملكة العربية السعودية تطورًا كبيرًا على مدار العقود الماضية، حيث توسعت الجامعات وأصبحت تقدم برامج أكاديمية متطورة تلبي احتياجات سوق العمل. تمتلك المملكة أكثر من 30 جامعة حكومية وخاصة، ومن أبرزها جامعة الملك سعود، جامعة الملك عبد العزيز، وجامعة الملك فهد للبترول والمعادن.
يتميز التعليم العالي في السعودية ببرامج الابتعاث الخارجي التي ساهمت في تأهيل الشباب السعودي في مختلف التخصصات، مما عزز من كفاءتهم العلمية والمهنية. كما تسعى المملكة من خلال رؤية 2030 إلى تطوير التعليم عبر إدخال التقنيات الحديثة وتعزيز البحث العلمي.
الشباب السعودي ودورهم في النهضة الوطنية
يعد الشباب السعودي القوة الدافعة لمسيرة التنمية في المملكة، حيث يمثلون النسبة الأكبر من السكان. خريجو الجامعات السعودية يمتلكون مهارات علمية وعملية تؤهلهم للمساهمة في بناء الاقتصاد الوطني وتطوير مختلف القطاعات. تسعى الحكومة السعودية إلى دعم الشباب من خلال توفير فرص العمل، وبرامج ريادة الأعمال، ودعم المشاريع الناشئة التي تعزز من دورهم في التنمية المستدامة.
رؤية 2030 ومستقبل السعودية
أطلقت المملكة رؤية 2030 بقيادة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، والتي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط. تتضمن الرؤية مشاريع كبرى مثل نيوم، ومشاريع الطاقة المتجددة، وتطوير السياحة والترفيه، مما يسهم في بناء اقتصاد متين ومستدام يواكب التطورات العالمية.
الخاتمة
إن تأسيس الدولة السعودية لم يكن مجرد حدث سياسي، بل كان تحولًا تاريخيًا كبيرًا في تاريخ الجزيرة العربية. لعبت القبائل العربية، ومنها قبيلة جهينة، دورًا محوريًا في هذا التأسيس، وأسهمت في استقرار البلاد ونهضتها. واليوم، تواصل المملكة مسيرتها بثبات، مستمدة من جذورها العريقة وقيمها الراسخة، وتسعى إلى مستقبل أكثر ازدهارًا من خلال رؤيتها الطموحة 2030.