منذ 3 يوم و 2 ساعة 0 571 0
الإعلام بين الرسالة والغرور: أداة للتأثير أم منصة للتفاخر؟
الإعلام بين الرسالة والغرور: أداة للتأثير أم منصة للتفاخر؟

الإعلام بين الرسالة والغرور: أداة للتأثير أم منصة للتفاخر؟

 

الإعلامي/ خضران الزهراني/ الباحة 

 

: هل الإعلام غرور؟

الإعلام، بما يمثله من وسيلة للتواصل ونقل المعلومات، يحتل مكانة أساسية في حياتنا اليومية. إنه المرآة التي تعكس العالم بكل أبعاده، والنافذة التي نطل من خلالها على الحقائق والأحداث. لكن وسط هذا التأثير الكبير الذي يمارسه الإعلام على المجتمع، يبرز سؤال جوهري: هل يمكن أن يتحول الإعلام إلى أداة للتفاخر وإظهار الغرور؟ وهل أصبحت رسالته في بعض الأحيان مشوهة بفعل التركيز على الذات بدلاً من الصالح العام؟

 

الإعلام كركيزة أساسية للمجتمعات

 

الإعلام في جوهره هو خدمة عامة تهدف إلى تزويد الناس بالمعلومات، تثقيفهم، وإثراء وعيهم. عبر العصور، لعب الإعلام أدوارًا مهمة في توثيق الأحداث، تعزيز الحوار بين الثقافات، والدفاع عن الحقوق. الإعلامي الحقيقي هو من يدرك أن دوره يتجاوز مجرد نقل الأخبار ليصبح مؤثرًا إيجابيًا في مجتمعه. إنه يحمل مسؤولية كبيرة تجاه الجمهور، تتطلب منه النزاهة، المصداقية، والالتزام بالمبادئ المهنية.

 

في السياق التقليدي، كانت وسائل الإعلام تعتمد على قواعد صارمة لضمان تقديم محتوى عالي الجودة، إلا أن هذا التوازن بدأ يتغير مع ظهور الإعلام الجديد ووسائل التواصل الاجتماعي، مما أتاح الفرصة لظهور أشكال جديدة من التفاعل والتأثير.

 

عندما يتحول الإعلام إلى مرآة للغرور

 

رغم الأهداف السامية للإعلام، إلا أنه قد ينحرف عن مساره ليصبح وسيلة للتباهي وإظهار الذات. هذا الانحراف يظهر بشكل خاص في عصر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث تحولت بعض المنصات إلى ساحات لعرض الإنجازات الشخصية والمظاهر الخارجية أكثر من كونها أدوات للتأثير البنّاء.

 

نجد الكثير من الإعلاميين أو المؤثرين اليوم يركزون على تعزيز صورتهم الذاتية بدلاً من تقديم محتوى يخدم الجمهور. الصور المثالية، العناوين المثيرة، والمحتوى الذي يفتقر إلى العمق هي أمثلة على استخدام الإعلام كأداة للتفاخر، مما يساهم في نشر ثقافة سطحية تبتعد عن جوهر الإعلام كوسيلة للمعرفة والتغيير.

 

الإعلام الجديد: بين الحرية والمسؤولية

 

وسائل الإعلام الحديثة، مثل مواقع التواصل الاجتماعي، غيرت مفهوم الإعلام التقليدي بالكامل. بفضل هذه المنصات، أصبح بإمكان أي شخص أن يصبح “إعلاميًا” ينقل رأيه وأفكاره إلى جمهور واسع. هذه الحرية تحمل إيجابيات عديدة، إذ أنها تمنح صوتًا للمهمشين وتفتح المجال للنقاش حول مواضيع متنوعة.

 

لكن الحرية تأتي مع مسؤولية كبيرة، وقد شهدنا كيف أساء البعض استخدام هذه المنصات. التركيز المفرط على الذات، السعي وراء الشهرة بأي ثمن، ونشر محتوى فارغ من القيمة، هي أمثلة على كيفية تحول الإعلام الجديد إلى أداة للغرور بدلاً من كونه وسيلة للتأثير الإيجابي.

 

الإعلام الحقيقي: رسالة وقيمة

 

الإعلام الحقيقي يظل محافظًا على رسالته الأساسية، وهي نقل الحقائق وتعزيز الوعي المجتمعي. الإعلامي الناجح هو من يدرك أن الجمهور ليس مجرد عدد من المتابعين، بل هو كيان حي يحتاج إلى محتوى يبني معرفته ويعزز تفكيره النقدي. الإعلام لا يجب أن يكون وسيلة لتضخيم الأنا، بل أداة للارتقاء بالمجتمع ومواجهة التحديات التي تعترضه.

 

من جهة أخرى، يقع جزء من المسؤولية على الجمهور نفسه. فالتفاعل مع المحتوى الإعلامي السطحي أو الداعم للغرور يعزز من انتشاره ويشجع المزيد من الأفراد على اتباع نفس النهج. لذلك، يجب أن يكون الجمهور واعيًا بما يستهلكه من محتوى، ويدعم الإعلام الذي يركز على القيم والمعرفة.

 

الخاتمة

 

الإعلام في أصله ليس غرورًا، لكنه قد يتحول إلى ذلك إذا أُسيء استخدامه. في عصرنا الحديث، حيث أصبح لكل فرد القدرة على أن يكون إعلاميًا، أصبح من الضروري أن نتساءل: هل نستخدم الإعلام لنشر الفائدة والتأثير الإيجابي، أم أنه أصبح مجرد وسيلة للتفاخر؟ الإجابة على هذا السؤال تكمن في نية الإعلامي وأهدافه، وكذلك في وعي الجمهور الذي يستهلك هذا المحتوى.

يبقى الإعلام أداة قوية قادرة على بناء المجتمعات وتوجيهها نحو الأفضل، شريطة أن يُستخدم بحكمة ومسؤولية، بعيدًا عن المظاهر الزائفة التي قد تُفقده قيمته الحقيقية.

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر
الإعلام بين الرسالة والغرور: أداة للتأثير أم منصة للتفاخر؟

محرر المحتوى

عامر الخياط
المدير العام
مدير التسويق في الصحيفة

شارك وارسل تعليق

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من إرسال تعليقك