فلسفة أن تقول : لا !

سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

 

الكاتب - طارق محمود نواب 


 

الحياة تعلمنا أن تحقيق الإنجازات الحقيقية يتطلب اختيارات دقيقة ورفضاً جاداً وصلباً للإلتزامات الزائدة عن الحد ، تلك الإلتزامات التي تشوش على رؤيتنا وتُباعد بيننا وبين غايتنا. ولذلك ، مبدأ الرفض للكثرة هو مبدأ أساسي يجسد فلسفة التقليل والتبسيط في الحياة ويؤكد على أهمية رفض الإلتزامات والمهام الزائدة ، حيث تكمن قوتنا الحقيقية في قدرتنا على اختيار الأهم من بين الكثير ، وتقدير قيمة كل تفصيلة تحمل في طياتها الإثراء والتألق والتي لا تساهم بشكل كبير في تحقيق الأهداف الأساسية.

فقولك نعم لشيء ما، فإنك في الحقيقة تقوم بعملية فرز للأولويات وتصفية الإختيارات، وهذا يعني أنك بالضرورة تقوم برفض أمور أخرى. فالقبول لا يأتي من دون تحديد الرفض أولا، والتمييز بين ما هو مهم وما هو أقل أهمية. إن قوتنا في قدرتنا على التصميم والإختيار بحكمة، حيث يكمن سر النجاح والتقدم في قدرتنا على رفض ما هو غير ضروري والتمسك بما هو ملائم ومفيد لنا.

ويُحكى في ذلك أن ربّان سفينة له من الحكمة النصيب الأكبر كان في رحلة بعدد من الرجال وذات يوم جاء إليه أحد الرجال يسأل نصيحة لباله المنشغل دائما والذي لا ينقطع عن التفكير فقال إن قلت لك الآن نحن بصدد التعرض لعاصفة وعلينا التخفيف مما تحمله سفينتنا قدر الإمكان ماذا سنفعل؟

فرد الرجل قائلا بالتأكيد سنتنازل عن كل ما هو زائد دون فائدة حتى لا تتعرض سفينتنا للغرق.

فرد الحكيم قائلا ذلك ما علينا فعله دائماً، أو بالأحرى تنازلنا عن كل ما هو غير عام لأنه يجب علينا أن نختار الأمور الهامة والضرورية التي نريد أن نخصص وقتنا وجهدنا لها. بالإضافة إلى أنه علينا أن نتخلى عن الأمور الثانوية التي لا تساهم أبدا في تحقيق أهدافنا، ومن خلال ذلك نتعلم أهمية تقليل التشتت وتركيز جهدنا ووقتنا على الأمور الأساسية في حيانا.

إن القدرة على رفض الإلتزامات والمهام غير الضرورية في حد ذاتها هي مهارة مهمة يجب تطويرها، فكثرة المواضيع والإهتمامات والإنشغال بالأمور الثانوية التي تبتعد عن أساسياتك، كما يمكن أن يشتت انتباهنا ويفقدنا القدرة على التركيز على ما هو بالفعل مهم.

بالإضافة إلى أن هناك فلسفة تعتمد اعتماداً كلياً على ذلك الأساس وهي إن لم تتمكن من قول نعم فقل لا، أو بمعنى أدق عندما تشعر بأنك مطالب بقبول عدة التزامات ومهام يجب أن تتذكر حقك في قول لا كوسيلة لحفاظك على تركيزك وإنتاجيتك ومن أشهر الأمثلة العملية على ذلك قصة كاتب شهير يُدعى جون جريشم الكاتب الذي تلقى عرضا ضخماً لكتابة كتاب جديد، وكان ذلك بالنسبة للبعض فرصة لا تعوض ولكنه قرر رفض العرض وكان ذلك بناء على مفهوم الرفض للكثر، وعندما سُئل عن السبب قال إذا لم أقل لا للأمور الجيدة فلن يكون لدي الزمن الكافي لكتابة الكتب العظيمة وذلك الذي يظهر لنا كيف يمكن للرفض "الذكي" للإلتزامات أن يساعدنا في تحقيق الأهداف الأساسية والوصول للنتائج المرغوبة.

ففكرة الرفض لكثرة الإلتزامات والمهام الزائدة في حد ذاتها لا تساهم بشكل مباشر في تحقيق الأهداف الرئيسية، بل تساهم بشكل أكبر في خلق الفرص وتعزيز التركيز والإستفادة القصوى من وقتنا وجهودنا. فالإلتزام الزائد والتفرق والتشتت يمكن أن يثقل على كاهلنا ويحد من قدرتنا على تحقيق إنجازات حقيقية وتحقيق أهدافنا الحقيقية.

وعندما نتعلم فن الرفض ونُقنع أنفسنا بأنه ليس من الضروري قبول كل شيء يُقدم لنا، فإننا نبني عادة صحية ومنظمة لاستخدام وقتنا وطاقتنا بشكل مُثمر . 

إن ضبط عملية رفض المهام الزائدة يمكن أن يساعدنا على تقليل التوتر والإرهاق وتحقيق التوازن في حياتنا.

 

 

الكاتب / طارق محمود نواب


ابراهيم الحكمي ابراهيم الحكمي
مدير الدعم الفني

0  140 0

الكلمات الدلالية

آخر المعجبين بالخبر

التعليقات


اكتب تعليقك هنا

اخبار مشابهة

اخبار مقترحة