هرولة للماضي ..
الكاتب / ابراهيم آل الفقهاء
قد يكون الهروب هرولة إلى الماضي للإنكفاء في تعرجاته الوعرة خطاً دفاعياً عن هضم حقوق الذات المغلوبة على أمرها في مجتمع غبي ساذج أخرق أضاع معنى وجوده كمؤسسة حاضنة, بتقديسه لتلك العادات التافهة التي يُمارِس طقوسها الجهلاء كأدوات صماء لا رأي لها وعاضدهم في غيهم أولئك الذين تدثروا بدثار الوقار كذباً وتوشحوا بشالات الزهد نفاقاً وتزينوا بحلية الهيبة زيفاً فأصبحوا جميعا أداة دعاية فاخرة جوفاء لجهل مركب وغباء مدقع وصدق عليهم قوله تعالى: (كمثل الحمار يحمل أسفارا بئس مثل القوم).
حسبهم فرحة عارمة التغني بتفاهاتهم تلك لأنها حدود وجودهم على خارطة الحياة الكريمة التي لفظتهم إلى هامشها المهمل الذي تأفف من نتانة رائحة خزعبلات فكرهم فحاول جاهداً إبعادهم إلى تلك النقطة القصية على هامشه المهمل تماماً قدراً لهم وقيمة ثمنها بخس عنوانه قوله تعالى: (كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ).
ولكي تخرج الذات المتيقظة التي يتفطر كبدها على هؤلاء القوم الذي وصفهم الله تعالى بقوله: (أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلاً). مارست لعبة البلادة لتكسب اللامبالاة شعوراً ميتاً مفعماً بالمرح والدعابة كسلاح فارغ الذخيرة متهالك الأجزاء عاجز عجز صاحبه ولكنه سلاحاً روحياً للروح في نضالها من أجل البقاء محافظة على الذات النابضة بالحرية صمتاً خوفاً من أن يسمع وهن همسها لذاتها رهبة من وشاية الذات بذاتها عند ذاتها فتصادر حقها في صمتها.
أي ذل بعد هذا الذل الخفي رغم التظاهر بالعزة الخرقاء خوفاً من مجرد حديث النفس صمتاً يعجز عن تصور رسم مفردة حرية ناهيك عن مجرد التخيل وهماً بنطقها فما بالك بمحاولة المناداة بتفعيلها.
أظن أن قيامة متبنيها ستقوم وأي حياة بعد يوم القيامة تكون ولو مجازاً لا تكون. ولك أيها الساكن في تجاويف الماضي خيار أن تكون أو لا تكون ولكن حذاري أن تكون ممن قال فيهم: (قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالاً الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً).
لا تتحجج بضيق الأفق فهو أكثر رحابة من أن تخسر ذاتك فتضيق عليك الدنيا بما رحبت أترك لأهل الزمان زمانهم وعش كطائر محلق فوق هامات الذل التي تطاولت وضاعة في وهنها فالفضاء هو للأحرار وطن والقاع للذل جحر.
أما زلت لم تحدد خيار من تكون أعتقد أن الأمر أبسط من مجرد اجهاد الفكر في طلب الإختيار فالأمر هو خيار أوحد لا يقبل أي اختيار. ولكن يبقى لك حدود الخيار ضمن المدار الذي تختار فكن من تكون وقد تكون ولكنك لا تكون.
أعتقد جازماً أنك ستهرول مسرعاً إلى كهوف ماضيك لكي تكون.
هل أنا محقاً؟ أرجو أن لا أكون.!!!