الأحد, 24 ديسمبر 2023 06:43 مساءً 0 430 0
متحف الحياة ..
متحف الحياة ..

متحف الحياة ..

الروتين هو مقبرة العادات المتكررة والنمطية التي نتبعها في حياتنا اليومية، والتي تجعل من كل يوم فى حياتنا مشابهاً للآخر وتقتصر تجاربنا ومحيطنا على نطاق ضيق. فكما يقال: "الروتين يقتل الحياة". فعندما نصبح مألوفين بهذا النمط المتكرر والمعروف، نفقد التنوع والتجديد في حياتنا ونصبح مجرد أشخاص متواضعين لضيق آفاقنا وعدم قدرتنا على التطور والإستفادة الكاملة من قدراتنا.
فالحياة وتعاقب أيامها الذي يصل إلى حد التطابق يجعل من أقدامك قبل عقلك حافظة لمكانها دون أن تبذل جهداً بسيطاً في التفكير أين تقف. فتكرار المسار حفظه العقل الباطن بدون أن تبذل جهداً ولو بسيطاً في معرفة طريقك، وقس على ذلك بقية يومك وأسبوعك إن لم يكن عامك وأعوامك والعمر بأكمله.
لكن، ماذا بعد ذلك؟ فحينها لا يكون هناك أي شيء يعزز روحك أو يحافظ على إنسانيتك. فبعد أن تكتسيك الشيخوخة وتصبح كل لحظة تمر دون تحوّل حالتك القلبية أو دون تجلي قدرتك على العيش بسعادة ومتعة. تجد نفسك على أعتاب نهاية حياتك، فأي أهداف ستطمح إليها وقد ضاعت منك سنين عمرك هباء منثورا؟ فقد يكون هناك بعض الوقت المتبقي الذي يسمح له بالعودة ولكن أين يمكن أن تضعه في متحف حياتك وأين هي تلك الأرفف؟،
 فالقيام بنفس الأنشطة والأعمال يوماً بعد يوم يجعلنا نفقد الحماسة والإهتمام بما يجري حولنا. فمثلا، قد نعبر الشارع دون أن نشعر بالحاجة للتركيز أو الإنتباه لما يحدث من حولنا.
ومع تكرار هذا النمط الروتيني، قد يصبح العقل الباطن حافظاً لهذا الروتين بدون أن يحتاج إلى بذل مجهود إضافي لتذكرها. وبالتالي، يتحوّل هذا الروتين إلى جزء من يومنا وأسلوب حياتنا بدون أن ندرك ذلك. وهذا النمط المتكرر والمألوف يمكن أن يؤثر سلباً على حياتنا ويجعلنا نشعر بالملل والإستياء.
ومن خلال حفظ هذا الروتين دون أن نبتكر أو نضيف أي تنوع، ينتج اوقات فراغ قاتلة تجعلنا نشعر بأننا جسدًا خاويًا لا نشعر بلحظات الألم قبل الفرح، وهذا النمط الروتيني للحياة لم يقدم لنا سوى خطوات متكدسة ووجه شاحب يشكو فيما بعد مما هو مفقود.
فالروتين الثابت يساهم في جعلنا لامباليين لما يحدث حولنا. فعندما تتحول حركاتنا وأفكارنا إلى تكرار لا ينقطع، نفقد الإهتمام والحماسة في تجربة أشياء جديدة ومختلفة. إذ يجعلنا الروتين ننسى أن هناك عالم مليء بالألوان والتحديات والفرص ينتظرنا خلف حدودنا المعمول بها.
وبالإضافة إلى ذلك، يؤثر الروتين تأثيراً كبيراً على عقولنا وأفكارنا. فعندما نعيش حياة متكررة ومحدودة، تصبح عقولنا كأنها غرف مغلقة مليئة بخزائن مكدسة بالمعلومات المتراكمة والغير مستخدمة، فالروتين الممل يحول عقولنا إلى سجون محبوسة داخلها المعرفة القديمة والأفكار العقيمة، ولا يتيح للنور أن يخترق هذه الجدران ويفتح لنا نوافذ جديدة للتعلم والإبتكار.
وبمرور الوقت، يجعل الروتين ذاكرتنا مجرد متاحف تحتفظ بالذكريات الماضية، فنجد أنفسنا نعيش في الماضي المألوف فقط، دون الإستفادة الكاملة من قدرتنا على خلق ذكريات جديدة وتغيير واقعنا. حينها تصبح حياتك وكأنك تتجول في متحف مليء بالصور والتحف القيمة، ولكنها تحيط بجوانب زجاجية لا تسمح لك بتجاوز حدودها والتجديد فيها.
لذا، يجب أن نسعى لكسر حواجز الروتين وتوسيع آفاقنا وتجربة أشياء جديدة ومختلفة عن ذلك الروتين الذي يستولي على حياتنا ويحجبنا عن التجربة والتعلم والإبتكار. ويمكننا أيضاً الإستفادة من تكنولوجيا الاتصالات ووسائل التواصل الإجتماعي لاكتشاف أشياء جديدة والتواصل مع أشخاص من خلف حدودنا الضيقة.
كما يمكننا كذلك تحويل ذلك الروتين اليومي إلى تحديات وأهداف جديدة ومثيرة. وذلك عن طريق إدخال عناصر مختلفة وإلغاء التكرار العقيم، ومن هذا المنطلق يمكننا تعلم أشياء جديدة وممارسة هواياتنا واكتشاف قدراتنا المختلفة.
وفي النهاية، لا تدع الروتين يمسك بزمام حياتك. انطلق خارج المألوف، واستكشف العالم وتحدى نفسك. فالحياة مليئة بالفرص والتحديات، وعليك أن تستغلها وتعيشها بكل تفصيلها وعمقه .


الكاتب / طارق محمود نواب
صحيفة شبكة نادي الصحافة الالكترونية

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

محرر المحتوى

غاليه الحربي
المدير العام
المالكة ومدير عام ورئيس تحرير صحيفة شبكة الصحافة للنشر الالكتروني - مدير عام المنابر التعليمية والتربوية بالشبكة

شارك وارسل تعليق

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من إرسال تعليقك

أخبار مقترحة