ثُنائية الحُب وَ الرجل

سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

شبكة نادي الصحافة السعودي

المدينة المنورة 

ثُنائية الحُب وَ الرجل

بقلم الكاتبة : أيمان أحمد فلاتة 

 

مَع اشراقة كلّ صَباح يظهرُ عُنوان جديد لِ “عمل ابداعي” آخر ينضافُ الى لائحة ما يُسمى “بالأدب النسوي”.. اسمٌ لِـ “كاتبة” جَديدة تحتفلُ بصُدور مولودِها الأدبي الأوّل أوْ أخرى تكتفي بالاشادة على كميات القراءة التّي حَصدتها “روايتها” الالكترونية، وَ أنا بينَ هذا و ذاك.. أطالعُ كلّ يوم هذه الظاهرة بِذهول يحفرُ السؤالَ عميقا داخلِي: الى أين يمضي الوضع؟
ثُنائية الحُب وَ الرجل، ليست بالشيء الجَديد عنْ أغلَب الكاتِبات العَربيات اذا استَثنينا نسبة قَليلة منهن ممّنْ خرجْنَ عن هذه الدائرة، الا أنّ ما يزيدُ الطّين بلة الآن.. هُو موجة هذه “الأدبيات المُراهقة” التّي تتكاثرُ بشكل مُروّع يدُور في نفسِ الحلقة: الرّجل، حيثُ تتعدّد النماذج و الصّور المُختلفة التّي تتناولها كلّ “كاتبة” على حِدة، بينَ قِصص الحُب، الخِيانة، الوفاء، الزواج، المُجتمع الذكوري، سلطة الرّجل وَ نموذج الأنثى المضطهدة الى غيرِ ذلك.. لكنّ الموضوعَ واحد هُو الرّجل أو كما يُطلقون عليه “الرجل الشّرقي” . أما منْ جهة أخرى، الأمر الأكثر فَضاعة بالفعل هُو المُستوى اللغوي الهَزيل الذّي تتميز به هذه الكِتابات، منْ فقرِ في التعبير وَ ركاكة في الأسلوب أو قدْ يتعدّى ذلك الى أخطاء املائية وَ نحوية.. وَ السؤال هُنا أينَ الرّقابة الأدبية؟ أينَ احتِرام المنتوج الأدبي؟
انّ العمل الأدبي يُبنى على شَطرين: الأول هُو الموضوع المُتناول أو الفكرة التّي يُعالجها الكاتب، وَ ينبغي في ذلك أنْ يكونَ موضوعا يستجدي اهتمامَ القارئ أو فِكرة يُعمل عقله فيها حتّى لو كان عملا فنيا، فالأصح أن يحترمَ القارئَ فيما سيتطرّق له. أمّا الثاني فيعود الى الأسلوب اللغوي باعتباره واجهة أدب الكاتب وَ قالَب أفكاره.. وَ بالتالي فَاحترام القارئ ينبغي أن تتم مُراعاته على الوَجهين لاكتسابِهما نفس دَرجة الأهمية. الاّ أنّ الكاتب قدْ تغيبُ عنه هَذه الثنائية فيأتي نصّه مبتورا منْ أحد الجانبين فَ أمّا مَضمون جيّد في قالَب ركيك، أوْ لوحة كثيرة الزكرشاتِ فارِغة المُحتوى.. وَ هذا الأخير بالذات هُو ما نجده فيما يُسمى بالأدب النسوي، حيثُ براعة الأسلوب وَ اللغة شعرية كانت أم نثرية وَ ضُعف الموضوعُ المتبنّى في النّص. وَ الأمثلة التّي تحضُرني الآن عنْ هَذا النوع عديدة منْ أسماء لكاتبات لَمع بريقُهن الأدبي وَ حذينَ ببهرجة بالِغة رُغم أنّ المُحتوى لاَ يزيدُ أن يكون تعبيرا عنْ عُقدة الرّجل الشرقي عندَ المرأة.
الاّ أن ما آل اليه الوضعُ الآن، هُو الأكثر فَضاعة.. في ظل هذه الموجة الجديدة منَ الأعمال التي تفتقرُ الى العُنصرين مَعا: ضُعف القالب اللغوي وَ هزالة الموضوع المُتناول..
لكنْ، ألا يدعونا هَذا للوقوفِ استفسارا عن الاعتبارات التّي تطبعُ التجربة النسائية في الأدب؟
أولا: منْ حيثُ وضع المرأة العربية، فالكاتبة هُنا وَ نتيجة للاديولوجية العربية التّي طبعت تفكيرها وَ دور المُجتمع في تكريس الصورة النمطيّة للمرأة بصفتها عُنصرا مُضطهدا وَ مضغودا عليه من قبل الرّجل، نتيجة لَهذا لم تُفلح المرأة-الكاتبة في تحريرِ نفسِها منْ سطوة هذه الصورة السطحية، فكان أنّها لا تزالُ حبيسة الشعورِ بالنقص في غيابِ الرّجل.. تُعبّر عنْ حُضوره بموضوعاتٍ مُختلفة، قدْ تباركُ أحيانا هَذا الحُضور كما في الرواياتِ الغرامية وَ خواطر الحُب الوردية، أما حينا أخرى فقدْ يظهرُ تمثالُه مخبئا داخل نداءاتِ المُساواة وَ رسائل حرب تسعى منْ خلالها “الكاتبة” الى الاشادة بقوّتها الأنثوية ( كما تظن) لكنّ الحقيقة أنّ هذا لا يعدو أن يكون تطبيلا آخر للعُنصر الذكوري في حياتِها. انّنا لا نستنتجُ الاّ أن يكون هذا تعبير عنْ نقصِ الأنثى في غياب الرّجل ( وَ هي الكذبة التّي تُصدقها عُقول الفتيات ضمنيا حتّى وَ هن ينتقدنها) دُونما أن تتمكّن منْ الحياذِ عنْ دائرته الى موضوعاتٍ أخرى.
منْ هنا يتم تفسيرُنا لِطابع “الأدب النسوي” في تناوله لموضوعات تتجه نحو نفسِ المركز..
أما فيما يخصّ الشق الثاني المُتعلق بتراجع النّص الأدبي في الآونة الأخيرة، حيثُ غياب الرّقابة وَ النّقد الخالص قدْ أتاحَ الفُرصة لامتِلاء الساحة الأدبية بنماذج لا تمت للأدب بصلة، مدفوعة بالتصفيق وَ المُجاملات، وَ صدور كميّة مهولة منَ الكُتب الفارغة. وَ الحالُ هنا أن أي “خربشة” تُقابَل بالترحيب منْ طرف المُتلقي الذّي أصبحَ لا يطلُب الاّ ما يكلّفه جُهدا رخيصا في تذوّق النّص.. ممّا حدا يتفوّق “الأدبيات الرخيصة” وَ سطوعِ نجمِها مُقابل تَجاهل المنتوج الأدبي الحقيقي. وَ هذا فيه ما فيه منْ مُغالطاتٍ عن أسس تقييم النّص التي أصبَح يتم اختزالُها في “كمية” الجُمهور المُتلقي وَ عدد القراءات.. حتّى أننا اليوم نقفُ أمام أسماء مشهورةَ على نطاقٍ واسع وَ أعمال بلغت منَ الطّبعات العشر أو أكثر مَع ضُعف ركيزتها الأدبية.
أخيرا لا يسعُني الاّ أن أدعو كلّ كاتبة مُبتدئة "مثلي" الى مُحاولة الحياد عما يُسمى بالأدب النسوي، بأن نسعى جميعا للتفوّق على أيّ سقف يُمكن أن يختزل القيمة الأنثوية في موضوع مُحدد.. أنْ نصنَع منْ أدَبنا بَحرا على سِعته يحملُ هَذا الفكر العَظيم وَ المُخيلة الغنية التّي تتمتّعُ بها الأنثى. فالعالَمُ يحتاجُ اليكِ وَ الى فكرك أكبَر مما تحتاجُه عاطِفتك.

 
 


ابراهيم ابوالخير ابراهيم ابوالخير
عضو سابق في الصحيفة

اداري سابق في شبكة نادي الصحافة السعودى بالمدينة المنورة

11  785 0

الكلمات الدلالية

آخر المعجبين بالخبر

التعليقات

Coeptow

There is a notable lack of convenient, sensitive, specific, objective indices of thyroid hormone action see later, so that assessment remains predominantly clinical viagra kamagra 100mg After she attained her honors degree in Food and Human Nutrition from the United Kingdom, she began practicing digital therapeutics and has been helping people make positive lifestyle behavior changes for the past five years

2024-01-05 03:20م
1

اكتب تعليقك هنا

اخبار مشابهة

اخبار مقترحة