هوَس الكمال والمثالية

سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

*هوَس الكمال والمثالية*

الكاتبة / روان الحجوري

كثيرة هي الفرص التي أضعتها خشيةً من قُصور، كثيرة هي التجارب التي أجّلتها لحين امتلاكي جميع ما يلزم ثمّ فاتتني دون عودة،

يمتدّ هذا العارض -والذي أسميته مؤخرًا عارض تفاؤلاً بزواله مني- يمتدّ ليلامس علاقاتي التي أنهيتها، تدويناتي التي لم أنشرها، وكثير من الأشياء التي خشيتُ ألّا أكون لها

وكأي عارض له أضراره بتّ أشعر بالفراغ جرّاء ما أفعل؛ ولم أعيى طويلًا بالكشف عن حالتي إذ شخصّتها بيقين تحت علّة : هوَس الكمال والمثالية .

أفكّر في بعيد الأمر وبدئ نشوئه لأبتسم من أجل طفلة تبكي على نقصان نصف الدرجة؛ على شعرة سقطت من رأس دميتها، أبتسم في البدء لكنّي أُهلع إذا ما رأيت ذات الشعور معي حتى الآن في كِبري، أنظر إليّ فأجد أرَقُ الأشياء يصيبني من عثرة صغيرة، من ثغرة لا تُرى ، وأخسر أشيائي كاملة لمجرّد عيب صغير يكاد لا يكون عيبًا

لماذا؟ هكذا تساءلت حين رؤيتي لاختفاء بريق الأشياء من عيني، لتوديع الفرح إياي رغم مناداتي له،

لم يقتصر الأمر على أفراح لم تكتمل؛ بل بات القلب واقفًا تحت ضغط مرهق لا يستطيع بفعله أن ينبض باتّزان، ينبض متوترًا ساعيًا خلف وهْم لا ينبغي أن يسعى إليه،

هكذا أشبعت ثغراتي بالإمعان المطوّل داخلها لتُعميني عن جمال ما فعلت؛ بهذه الطريقة أصبحت إنجازاتي تتآكل لأنها لم تكن بصورة المثالية التي رسمتها،

لكنني تيّقظت، بفعل الشعور المرّ الذي لامس أدق تفاصيلي، ابتعدت لأرى الصورة بشكلها النهائي، اخترت ألّا أنغمس على زاوية وحيدة تُنسيني جمال اللوحة كاملة،

أحسست أن الاهتزاز الذي يُريبني يتحوّل ثباتًا بفعل إرادة تعي أن الكمال ليس اشتراطًا لتبدو الأشياء حيّة ،لتغدو العلاقات جميلة، لتكن الفرص مناسبة

أدركت أن اشتراطي للكمال يقتل رغبتي تجاه كل ما أريده، وحين جربت النظر للجمال وجدت شعورًا لذيذًا حرمتني إياه المثالية التي أرجوها

اخترت ألا أشترط الكمال من أجل مواصلة الحياة بشكل أكثر هدوءً، بسلام ممتنّ للأشياء كما تكون، للرّضا بنتيجة الأفعال التي بذلت كامل جُهدي عليها وظهرت في صورة معينة،

أدركت فضيلة السعي المقترنة بمدى قوتي واستطاعتي؛ وها أنا أتشافى.