يقلم/ م / عبد العزيز بن محمد العواد
في مقالنا الرابع والأخير من هذه السلسلة، سأحاول الاجابة بحول الله على السؤال الملح ماذا تحتاج الجامعات من إصلاحات و تطوير لكي تصبح جامعات مبتكرة؟ فمن الواضح عدم اقتصار الدور الذي يلعبه الابتكار بالنسبة للجامعات على نقل المعرفة فقط بل يتجاوز ذلك المدى بكثير حيث يؤثر الابتكار على الأطر الحاكمة والمناهج وطرائق التعلم والتدريس وكذلك البني التحتية والتسهيلات التي تدعم الطلاب والطالبات عند بدء مشاريعهم الناشئة ومختبرات الإبداع.
فربما لا يؤدي نقل المعرفة إلى توليد الدخل بطريقة بالغة الأهمية بل ينظر إليه كونه جزء من المسئولية المجتمعية للجامعات وعنصرا رئيسياً في التكامل مع الأطر المحيطة بها، حيث يوفر بديل لمسار التطوير الذاتي أو المهني للطلاب والطالبات وبالتالي يمكن دعمه وتعزيزه مثلما الحال في جامعة وارويك WARWICK UNVERSITY في المملكة المتحدة.
يجب أن تنتقل الجامعة من نقل المعرفة والذي يشكل تقييداً لعملية الابتكار الى تبادل المعرفة والتي تعرف بانها مجموعة من السياسات والممارسات تساهم بفعالية في مشاركة المعرفة بين المنتجين (الباحثين الأكاديميين) والمستخدمين لها ( صناع السياسات، أصحاب المصلحة، رجال ورواد الأعمال وغيرهم) وبالتالي يضمن نموذج تبادل المعرفة تزويد أرباب الأعمال بالمعرفة والمهارات والجداريات التي يحتاجون إليها وكذلك المجتمع من الناحية الأخرى الذي يكون له أثر واضح على تطوير المناهج وطرائق التعلم والبحث العلمي وزيادة مشاركة الجمهور، وبالتالي عندما يتخرج الطلاب والطالبات من الجامعة إلى سوق العمل يأخذون معهم الاستعدادات و المعرفة والمهارات المكتسبة بالجامعة.
ومن أجل تعظيم ذلك الأثر وبطريقة مثلى، تحتاج الجامعات إلى استراتيجية لإدارة المعرفة تعزز من عملية مشاركتها في نموذج تبادل المعرفة. حيث يسمح هذا المفهوم لكل من أرباب الأعمال والمجتمع بالمشاركة والتأثير على توجهات الجامعة من عدة زوايا مثل إقامة الشراكات والتحالفات مع أرباب الأعمال، المشاريع البحثية المشتركة، توفير برامج ودورات تدريبية قصيرة لأرباب الأعمال، وانخراط الطلاب والطالبات في سوق العمل، وحاضنات الأفكار
أصبح اليوم تبادل المعرفة جزء أساسي من الرسالة التي تريد العديد من الجامعات الأوربية توصيلها، ويعكس قيمة لتغير ثقافة الجامعة وجزء من تأثيرها، فتبادل المعرفة تقدم رؤية جديدة للجامعات في كيفية إقامة علاقات مع أرباب الأعمال والمجتمع وبشكل يقود التغيرات في كافة ممارسات وعمليات الجامعة الداخلية.
تحتاج الجامعات التقليدية إلى تطوير مجموعة من الإصلاحات حتى تكون جامعات مبتكرة ومن بينها إزالة المعوقات التي تواجهها من أجل تشجيع وتسريع الابتكار و السعي بإدارة قوية وشفافة نحو تقليص حدة الممانعة له ، وتقديم حوافز لإقامة شراكات وتحالفات مع المشاريع التجارية وبشكل يجعل الجامعة قريبة من عالم الأعمال.
وكما يجب أن تقدم الجامعة المعرفة والمهارات التي يحتاجها سوق العمل وتأهيل الخريجين من الجنسين بمتطلبات أرباب الأعمال، ويجب أن يتماشى هذا النمط مع أجندة واضحة للتدريب المستمر مدى الحياة، وضرورة وجود مناهج وطرائق تدريس مبتكرة ودورات تدريبية وتأهيلية تساهم في إكساب المهارات التي يطلبها سوق العمل.
علاوة على ذلك، يجب إصلاح منظومة الاعتمادات التمويلية للجامعات وربطها بالنتائج
Results-Oriented ، إضافة الى تعزيز ثقافة الاعمال داخل الجامعات من خلال إنشاء مكتب الابتكار ونقل التقنية والذى يكون مسئولاً عن التطوير و التراخيص وحماية الملكية الفكرية والترويج التجاري للمخرجات الأكاديمية والبحثية.
ختاماً يجب أن تركز الجامعات على تطوير هياكلها التنظيمية وطرق إدارة فريق عملها، فالابتكار لا يقصد منه بالضرورة التخلص من كل ما هو تقليدي، بل المقصود إدخال طرق ومفاهيم جديدة للثقافة الاكاديمية بالجامعات التقليدية لتعظيم ما يمكن أن تقدمه ليس فقط لأرباب الأعمال بل المجتمع المحيط بأسره.
باحث في
برنامج الدكتوراه في إدارة الابتكار
جامعة الخليج العربي – مملكة البحرين