الكاتب / عبدالله بخاري
في مداخلتي الأخيرة في برنامج “أنفاس الصباح” على إذاعة نداء الإسلام، الذي يُبث يوميًا من الساعة 7:30 صباحًا إلى الساعة 9:00 صباحًا، تناولت قضية محورية تتعلق بالشباب وتأثير وسائل التواصل الاجتماعي والألعاب الإلكترونية على حياتهم وتشكيل سماتهم الشخصية.
يمثل الشباب العمود الفقري لأي مجتمع، حيث تُبنى الخطط المستقبلية وتتحقق الإنجازات على أكتافهم. إن تنشئة الشباب على القيم الصالحة، وغرس مبادئ العزة والكرامة في نفوسهم، تسهم في تشكيل مجتمع أكثر تماسكًا وتطورًا. فالشخصية الإنسانية تبدأ بالتكوين من الفكر الذي يتحكم في قرارات الفرد وسلوكياته. وبما أن الفكر هو المحرك الرئيسي لأي تصرف، فإن التأثيرات الخارجية تلعب دورًا كبيرًا في تشكيله، سواء كانت إيجابية أم سلبية.
تؤثر وسائل التواصل الاجتماعي والألعاب الإلكترونية بشكل مباشر على الفكر من خلال ثلاث مداخل أساسية: النظر، والسمع، والكلام. فعندما يتعرض الشباب لمحتويات غير مراقبة عبر وسائل التواصل أو الألعاب الإلكترونية، فإن شخصياتهم تتأثر سلبًا. وتظهر هذه التأثيرات في تصرفات غير مسؤولة وأفعال تتنافى مع القيم والأخلاق.
من جهة أخرى، تُعد الألعاب الإلكترونية، خاصةً تلك التي تتسم بالعنف، من أهم المسببات التي قد تؤدي إلى ارتباك بين الواقع والخيال لدى الشباب. لقد شهدنا العديد من الحوادث السلبية التي نتجت عن تأثرهم بالألعاب أو بالمحتوى الذي يتعرضون له عبر وسائل التواصل. وهذا يستدعي ضرورة الرقابة والتوجيه الصحيح، حيث أن تأثير هذه الوسائل يمكن أن يؤدي إلى سلوكيات غير مقبولة في المجتمع.
رغم المخاطر المحتملة، لا يمكن تجاهل الجوانب الإيجابية لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي والألعاب الإلكترونية إذا تم توجيهها بشكل صحيح. على المستوى الشخصي، استطعت أن أستفيد من هذه الوسائل في تطوير نفسي، مما أدى إلى حصولي على شهادة تدريب معتمد في تطوير الذات. كما حرصت على توجيه ابنتي منذ صغرها، حيث قدمت لها مجموعة من الكتب التي نمت لديها حب القراءة، وشجعتها على التفاعل مع الواقع من خلال النقاشات والتفاعل مع المحيط. وقد ساهم هذا التوجيه في تشكيل شخصيتها بشكل إيجابي.
إضافة إلى ذلك، كانت لي تجربة مثرية من خلال المشاركة في دورة الإعلام الجديد التي قدمتها أكاديمية إنجامينا عبر الواتس آب. هذه الدورة ساعدتني في أن أصبح كاتبًا ومحررًا صحفيًا في صحيفة شبكة نادي الصحافة الإلكترونية، مما يبرز قدرة التكنولوجيا على أن تكون أداة فعالة لتطوير الذات وتحقيق النجاح المهني.
عند مقارنة الأجيال السابقة بالحالية، نجد أن الجيل السابق كان يعتمد على الألعاب التي تعزز الحركة وتطوير العقل، مما ساهم في بناء جيل أكثر صحة جسدية وعقلية. بينما يعاني الجيل الحالي من مشكلات صحية وفكرية نتيجة الجلوس الطويل أمام الشاشات والانغماس في ألعاب إلكترونية لا تعزز التفكير أو الحركة. ومع ذلك، يمكن أن يتحول هذا التأثير السلبي إلى إيجابي من خلال التوجيه والمراقبة اللازمة من قبل الآباء والمجتمع.
في الختام، تمتلك وسائل التواصل الاجتماعي والألعاب الإلكترونية تأثيرًا كبيرًا على الشباب، ويتوقف هذا التأثير على كيفية استخدامها. من الممكن أن تكون هذه الوسائل أداة لبناء جيل واعٍ ومسؤول إذا تم استغلالها بالشكل الصحيح. لذا يجب على الأسر والمربين اتخاذ خطوات عملية، مثل تحديد أوقات لاستخدام هذه الوسائل وتشجيع الأنشطة البدنية والاجتماعية، لتحقيق النفع الشخصي والمجتمعي.