الكاتب - طارق محمود نواب
قانون الإختيار ..
في عمق كل إنسان تكمن تراكماته، كالأوراق التي تتساقط ببطء داخل جوارحه... تملأ كل زاوية من روحه وعقله تدريجياً. فحتى الكلمة البسيطة على الرغم من صغرها إلا إنها تسقط في كأسه، وتسهم في ملء الكأس تدريجياً، حتى يصبح ممتلئاً بتلك التراكمات الصغيرة.
فالإنسان لا يغضب من كلمة واحدة أو من موقف واحد، بل يكون ذلك نتيجة لتراكمات طويلة من الصمت المتكدس والحزن المكبوت. وهكذا تتشكل الأزمات داخله، حيث يصبح داخله كالبركان الذي ينفجر عندما تتجاوز الكأس حدها وتفيض تلك التراكمات المدفونة.
ولذلك، يجد كل إنسان نفسه في مواجهة أزمة كبيرة من التراكمات عندما يدرك أن الكأس لا يمتلئ من نقطة، وأنه عليه مواجهة وتصفية هذه التراكمات قبل أن تصل إلى نقطة الانفجار. إنها رحلة صعبة ومعقدة، تتطلب شجاعة القلب ووعي الذهن، لكنها ضرورية لتحقيق التوازن الداخلي والسلام النفسي، وبذلك تكونت قوانين النفس البشرية.
ومن القوانين الأهم للنفس البشرية أن المواقف الصعبة والصادقة ليست سوى اختباراً لقلوبنا، اختبار يُظهر حقيقة مشاعر الآخرين نحونا ويُعلمنا قيمة الوفاء والصدق. وكما نتعلم من التجارب سواء كانت مأساوية أو جميلة اكتسبنا منها أيضاً مبادئ الحب الحقيقي والتضحية، فالحياة تُعلمنا ببساطتها أن المشاعر الصادقة والعلاقات الحقيقية تُبنى على أساس الصدق والتجارب الصادقة، حيث ينمو الحب ويزدهر التواصل في أرجاء قلوبنا، ممتداً كأفق لامتناهي من الصفاء والعمق.
ومن القوانين التي لا يُبالى بها ولا تُعطى حقها هو "قانون الإختيار"، فالإنسان دائما في موضع اختيار، وله دائما الحرية في الإختيار، لكن ماذا تفعل إذا وقع اختياره على شخص آخر بدلاً منك؟؟ فالإختيارات تكشف حقيقة العلاقات وتظهر معادن الأشخاص, فدع من تحب يمضي بسلام، فإن اختياره لشخص آخر يعكس مدى ولاءه لك. فلا تحزن على فقدان من لم يعتبر قلبك موطناً لحبه، فإذا كانت مشاعرك محقة وصادقة، فلن تكون هناك تراكمات لتلوث قلبك. واعلم أنك تستحق الحب الصادق والإختيار الصحيح، ودع الحياة تقود كل ذي مصير إلى مكانه المناسب في قلبك الصافي.
وعندما تغضب وتختار عدم التحدث، يعتبر صمتك إشارة قوية تعبر عن عمق مشاعرك ورقي تفكيرك. وفي تلك اللحظات، تتحدث انفعالاتك بدلاً من كلماتك، فتصبح كلمة صمتك قوية وكبيرة تحمل معانٍ كثيرة. رغم أنك قد تتجاهل الكلام في تلك اللحظات، إلا أن تصرفاتك وعواطفك تظل تعكس قيمتك.
ومن الحقائق التي يجب أن نتذكرها، هي أننا يجب أن نأخذ بيدنا زمام الأمور ونواجه التحديات بثقة وإيمان، دون أن نلتفت للمقارنات الجارية في عقولنا أو قلوبنا. فلا تقارن نفسك بأحد، لا في العلن و لا في قلبك... فالرضا أكبر سر للسعادة، والقوة الحقيقية تكمن في قدرتنا على قبول من نحن والتفاعل مع الحياة بإيجابية وصبر، وبصدق وإصرار، حتى نصل إلى قمة السعادة والرضا.
وعندما تطلب شيء من أي شخص كان، اطلب مرة واحدة أو اثنين لمجرد التذكير، فأكثر من ذلك ما هو إلا تقليل لقيمتك، فإنها الحياة تعلمنا أن السعادة ليست بالمقارنة وإظهار الأفضلية، بل بالإحترام الذاتي والقبول المتكامل لمن نحن وما نمتلك.
وإذا جلست وسط الناس كن أكثر المستمعين و آخر المتكلمين، ففي الصمت، نجد المأوى والسلام، وتستقر العواطف وتتجدد الروح. وعندما يتمتع الإنسان بقدر من التصالح مع نفسه، فإنه يكون على أعتاب السعادة الحقيقية، ويصبح قادراً على مواجهة الحياة بكل ما تحمله من تحديات ومتاعب.
وأخيراً إن أردت أن يحبك الناس بلا سبب، اعطيهم بلا سبب وحينها قد تجد مأوى لروحك واستقراراً لعواطفك وتجدداً لحياتك. فعندما يتمتع الإنسان بقدر من التصالح مع نفسه، فإنه يكون على أعتاب السعادة الحقيقية، ويصبح قادراً على مواجهة التحديات والمتاعب التي تحملها الحياة.
فالحياة تعلمنا أن المشاعر الصادقة والعلاقات الحقيقية تُبنى على أساس الصدق والتجارب الصادقة، حيث ينمو الحب ويزدهر التواصل في أرجاء قلوبنا، ممتدةً كأفقٍ لامتناهٍ من الصفاء والعمق.