أَفْيَاء ..

سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

أَفْيَاء ..


الكاتب / د - صلاح عبدالله العرابي 


أعتقلته الذكريات ودلفت به إلى عاصفةٍ حاولت أن تسرق منه الدهشة لكي يتحول الحلم إلى بقايا أوراقٍ مُبعثرة. حاول أن يتريَّث ولكن إلى متى ؟ والسفينة قادمة بقبطانها ولا ميناء يحتضنها تلك كانت عاطفته الجيَّاشة فقد ضجر من ذلك الضياء المُمتد بخجل فوق هام السحب فأراد أن يراه كما هو دون وسيط بل جال به خياله إلى أن يراه في الشِّقْ الآخر من مضرب الكُرَة . احتدم مع نفسه في تساؤلات صاخبة قبل أن يُرَتِّب جلده بأظافره الرقيقة ويجمع حقيبة وجهه بتجاعيده الأنيقة وبينما هو كذلك في جوفها دون لحافٍ يُهدهده من ثرى أو ثريا غفا مع حلمه علَّهُ يجد له متنفساً للصعداء فقد كانت جُدارية الماضي المُتورِّد برائحته العبقة وبشوكه تشدُّه نحو انتعاشة الصبا الذي ولَّت مدابره. مداخل كثيرة لجذور تفكيره تجوب دفئه النائم وتتلمس بخوف برودة أطرافه . استعدل في جلسته وناظر برغم الظلام الذي كان يتسيَّدُه ذلك الضياء الذي ضجر منه وهو على اليابسة فرآه ضاحكاً مُبتسماً كزهرة صفراء برتقالية امتدت بزرافة وهي تحاول أن تنام بعشق على صدر أعين الشمس ورأى على المدى البعيد اغفاءة ذلك الشفق الأرجواني الهارب من العيون الدامعة والقلوب الحزينة . كانت في تلك اللحظة النجوم تبحث في غيبوبة وجهه بحذر وربما بتردد من انعتاق القمر وانفلاق الفجر..فأيُّ ضياء ربما يبحث عنه فنقطة انطلاقه لم تُدغدغ مشاعر شظاياه المائية البريئة وهو الآن عالق في المنتصف مابين الأرض والسماء وعواطفه لازالت متخفية بين أوشحة الحزن والبكاء بالرغم من قهقهات من يُحيطون به والتي بدت معالمها صريحة وجريئة وواضحة وهي تتراقص على وجهه ولكن بأنكاد ٍ خريفية غائرة وعميقة يصل حد نصلها إلى ملامح يائسة ربما لم يتوصل بعد إلى تلك الوحشة التي تخنقها مدافىء الشتاء وأمل ذلك أن يجد الحقيقة مابين حقول أحلامه وفصول الآمه التي ربما قد تجد سبيلها مابين الترنح في عيون الصيف وأقواس قزح الربيع. فرحٌ يأمل في أن تهبط عليه قدماه فقد كانت تلك المدينة الناعسة بين أحضان الضباب بعيدة ولكنها قريبة منه كعرس يشتهي أن يكون فيه فهل أتى زمن الشتاء؟ وكيف يأتي وحشرجات النفس بعد تكاد أن تلهو بماتجلى من ضياء وبرد يكاد يلمسه في دفء عينيها وهو متكىء لأنغام المساء. نظراته رجعت إلى مكانها الطبيعي بعد مالفَّها الصمت نحو ذلك الغادر الصامت وبالرغم من ذلك فقد كان الضياء المنهمر على عينيه المُرهقتين جميلاً بهدوء صادق خالٍ من الزيف مدَّهُ بالراحة وأبعد عنه تشنج قيثارة القنوط. كان كل شيء لديه وحوله سعيد ومبتهج وذلك ماكان يصبو إليه هدير لامس أذنيه وهو نائم بعيون شبه مفتوحة على زوايا الليل وكانت كل الأركان معتمة والريح تجر أمواج البحر والتجاعيد كانت مشتركة مابين السكون والوحدة . لا زالت نظراته معلقة على رداءه الأبيض وعلى صمت مساءه المُرتعش وعلى تلك الطيور الملونة التي يسمع ابتسامتها وهي تغني عن هدوء الضياء الساطع وأزهار الحديقة عن الجمال والإنسان ومدارات الحقيقة عن رائحة البحر وأحلام القصيدة !!!


غاليه الحربي غاليه الحربي
المدير العام

المالكة ومدير عام ورئيس تحرير صحيفة شبكة الصحافة للنشر الالكتروني - مدير عام المنابر التعليمية والتربوية بالشبكة

4  391 0

الكلمات الدلالية

آخر المعجبين بالخبر

التعليقات

عصام

ابدعت وافر التقدير والاحترام

2024-02-27 09:21ص
1

اكتب تعليقك هنا

اخبار مشابهة

اخبار مقترحة