الاختلاف يجب ألا يفسد للود قضية.
الكاتبة : ايمان جمل الليل
شبكة نادي الصحافة السعودية
اختلف معك ولكني احترمك، الاختلاف في الرأي سمة العقول الناضجة ودليل لثراء وخصوبة وفهم القضايا المطروحة. ففي بعض الحالات عندما يختلف الشخص مع صديقه علي أمرٍ ما، تبدأ بينهما المناقشة عادية جداً ومن ثم تتحول إلي جدل والجدل إلي شقاق وسرعان ما يتطور الموقف إلي تشابك بالأيدي ويقسم كل منهما على مقاطعة الآخر ويكون سبب الخلاف أهون مما حدث. وهكذا نحن نفتقد في اغلب الأحوال إلي ثقافة الإختلاف.
إن الإختلاف بين البشر أمر طبيعي فقد خلق الله عز وجل الناس مختلفين ولايزالون كذلك فليس كل ما يعجبك بالضرورة سيعجب الآخرين وكذلك الأفكار والمعتقدات وليس كل ما تراه صحيحاً هو في نظر ورؤية الآخرين كذلك. والذي يحزنني كثيراً عندما اسمع ما يدور بين أبناء المجتمع الواحد وخاصة ممن يدعون أنهم أصحاب فكر وثقافة واسعة حيث تظهر في اغلبية مجتمعاتنا العربية ثقافة يسودها الخلاف بمعني الشِجار والصراع. فتظهر نتيجة واحدة تؤكد أن طبيعة أولئك البشر تحمل من مشاعر العدوانية والحقد والبغض والاستكبار مما يجعلهم في حالة تخالف وتختلف مع كل فكر أو رأي أو حتى وجهة نظر.
إن الناظر والمتأمل في سيرة رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم يعلم بأنه عليه السلام يؤمن بثقافة الاختلاف والتي هي مناقضة تماما لثقافة الخلاف حيث كان عليه الصلاة والسلام يشاور صحابته الكرام ويستشيرهم ويأخذ بأرائهم ومقترحاتهم.
ولنتأمل في قوله سبحانه وتعالى: (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً ۖ وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ)، إنه من الجميل أن نتحاور دون تهميش أو إقصاء، والأجمل أن نتبادل المعرفة والرأي دون ترهيب! والقضاء على كل اشكال التعصب وإشاعة قيم التسامح والمرونة خصوصا لدى الأجيال الشابة التي لا ينتمي الكثير من افرادها اليوم للحوار، لأنهم نشأوا في غيابه واعتادوا على ثقافة اللون الواحد ولم يجدوا سوى ثقافة القهر والتسلط. فلولا الاختلاف في أنماط التفكير وطرح الأراء لما تطور الإنسان وكما يقولون (اختلاف الأمة رحمة بالأمة) .
لذا يجب علينا أن نغرس في اجيالنا من الصغر ثقافة الحوار واحترام حرية الرأي والتعبير وأن الاختلاف يجب ألا يفسد للود قضية.