بقلم الكاتب والشاعر - أحمد أبوالخير معافا
شاهدت بالأمس على صفحة أحد الأصدقاء بالفيسبوك، صورة لأحد مشائخ الرعيل الأول ، من العهد السعودي الزاهر، وهو الشيخ علي بن محمد هادي الشعبي شيخ شمل قبائل بني شعبة ، فقفز الى ذهني جيل كامل من أولئك المشائخ والعرفاء الذين ما زالت اسماؤهم عالقة في ذاكرة الوطن، ا
وفاء وعطاء وبذلا وخدمة للمواطنين ،ويمثلون قيم الولاء الخالص، لهذا البلد قيادة وشعبا ، ومنهم على سبيل المثال لا الحصر ، الشيخ خليل ابودية شيخ شمل ضمد ، والشيخ مديش بجوي شيخ شمل قبائل بني شبيل ، والشيخ حسن الذروي شيخ شمل قبائل الحسيني والنجوع ، والشيخ صائغ من صبيا ، والشيخ حسن الفيفي شيخ شمل قبائل فيفاء ، رحمهم الله جميعا، وغيرهم الكثير من مشائخ وعرفاء القبائل بالمنطقة ، وهم جيل الرعيل الأول، الذين تفرغوا لخدمة المواطنين ، والتصقوا بهم ، وعايشوا همومهم ، وكانوا مع أبناء قبائلهم جسدا واحدا، اذا اشتكى منه عضو تداعت له سائر الاعضاء ،
جيل الرواد أولئك كان المواطن ينبض في قلوبهم ، ومدنهم تتفيأ ارواحهم واهتماماتهم، وكانوا جسور التواصل بين المواطن والمسؤول، وشكلوا مع الناس لحمة من الحب والعطاء ، يتلمسون احتياجاتهم، ويحلون مشاكلهم الاسرية ، وخصوماتهم الإجتماعية ، وخلافاتهم المالية ، وكانوا الأب الروحي لجميع أبناء القبيلة ، بدون تمييز او تفرقة، وفوق ذلك كله كانوا متفرغين بالكامل لخدمة قبائلهم.
لكن كثيرا من جيل اليوم من المشائخ والعرفاء ، يفتقدون هذه الكاريزما الروحية، وأنا اعذرهم في ذلك، فانشغالهم بأعمالهم، ووظائفهم ، وشؤون حياتهم الخاصة ، وأسرهم، لا تمكنهم من التفرغ لمتابعة شؤون ومشاكل وهموم أبناء القبيلة .
وإليك أحد الأمثلة ، الحسن شاب من إحدى القبائل، قرر أن يلتحق بالسلك العسكري، وعندما تقدم للعمل، سلموه عدة اوراق لتعبئتها، وتصديقها من شيخ القبيلة ، وغيره من الجهات الحكومية، عبأ الحسن تللك الاستمارة، وانطلق ورأسه فى السماء فخرا، بخدمة دينه ومليكه وطنه ، ولما وصل الى شيخ قبيلته في مقرعمله، كي يصادق له تلك الأوراق ، فاجأه الشيخ بقوله حياك الله، لكن هنا مقر عمل، أأتني في البيت، رد عليه الحسن ،حاضر يا شيخ متى اتيك؟ قال له الشيخ ضع لي هذه الأوراق في البقالة التي بجانب منزلي وسوف نخذها ونصدقها ونضعها لك في البقالة، وهنا أخذ الشاب أوراقه وتوجه لتلك البقالة يقول الحسن ( وجدت في البقالة رجلا ذا بشرة داكنة يبدو أنه اثيوبي الجنسية ، سلمته أوراقي الحكومية، وقال لي سأعطي الشيخ ، ذهبت وعدت عصرا وعشاء واليوم الثاني والثالث ولم يصادق أوراقي ، اتصلت بالشيخ مرات ومرات، لم يرد على اتصالاتي ، وطرقت بابه فلم يجبني ) انتهى
جاءني الحسن وفي عينيه استفهامات كثيرة، وطلب مني ان اتصل بالشيخ، لعل وعسى، لكنني صدمت عندما اتصلت أربع مرات في اوقات مختلفة ولم يرد، وارسلت له رسالة على الواتساب، فلم يجب عليها، حينها قلت للحسن قد يكون الرجل معذورا ، لكن وقت تقديم الاوراق ازف، لم يبق عليه سوى يوم واحد ، حينها تواصلت مع أحد المشايخ من قبيلة أخرى مجاورة فوافق وصادق أوراق الحسن ، حيث أخذها وسافر ، وفي قلبه وعينه ، المح ألف سؤال وسؤال ، لكنني لم اشأ أن أقول له ، إن بعض الناس إذا اتصل بهم القوي أجابوه ، وإذا اتصل بهم الضعيف صمتوا جوالهم ، ورأوا اتصالاته المتكررة وطرقه ابوابهم ، نوعا من الازعاج والثقالة ، انا والحسن لسنا هنا بصدد محاسبة أحد ، لكن تدور في ذهني أسئلة واستفسارات ،يجدر بي أن اذكرهاهنا ، وهي كالتالي
هل هناك تقيم وفق معايير دقيقة لأداء للمشايخ وعرفاء القبائل ؟ وهل توجد لهم ملفات انجاز لمعرفة مدى قيامهم بخدمة الناس وتسهيل امورهم وخصوصا فئة الشباب امثال الحسن؟ وهل هناك رقابة لأدائهم وملفات وتقارير سرية واستمارات تبين درجة تفاعلهم مع المجتمع وخدمة المواطن والتواصل مع الجهات الحكومية من أجل توفير الخدمات المختلفة في مدنهم وقراهم ؟ولماذا لا تكون هناك مراجعات دورية بشأنهم وإعادة تكليفهم كل اربع سنوات أسوة بالمحافظين ورؤساء المراكز وغيرهم ؟
وختاما هناك شيء مهم من أجل مصداقيتنا ،ونزاهة أقلامنا ، وعدالة احكامنا ، وهو أن هناك مشايخ وعرفاء قبائل مضرب للفخر والاعتزاز، ويعملون ليل نهار لخدمة هذا البلد وأبنائه ، ومنهم على سبيل المثال لا الحصر ، الشيخ ابراهيم بن حسن الذروي شيخ شمل قبائل الحسيني والنجوع ، فهو أحد النماذج المضيئة في حاضر مشايخنا ، وإشهد لله ، أنه ابن بار لهذا البلد وأبنائه ، وحاضر ومسابق في المناسبات الخاصة والعامة ، بنفسه وماله وجهده ، ويستحق التكريم والاشادة والشكر ، بما قدم من جهود مخلصة ، لخدمة وطنه ومجتمعه،
لكن مبدأ الرقابة وتقيم الأداء ، مبدأ خلاق ،وتوجه طموح ، يرتقي بالخدمات المقدمة للناس ، ويحقق تطلعات قيادتنا وتوجهاتها ، فمصلحة الوطن والمواطن مقدم على أي اعتبارات أخرى.