الكاتبة - سميرة عبدالهادي
النسيان ذلك العالم الذي نطرق أبوابه عند لحظات الآلام والتعثرات والخذلان لنهرب من خلاله من ضربات الحياة الموجعة ظنا منا أنه هو الدواء الذي ينسينا خسارتنا، فالبعض قد يذرف دموع الندم والأسف لكي ينسى، وهناك من يصرخ بصوت عالٍ ليخرج ما بداخله من وجع لكي ينسى، أو يبذل جهدا مضاعفا يفوق طاقته ليجبر عقله أن يتوقف عن التفكير لكي ينسى، وقد يستخدم البعض سلاح الصمت عندما تختفي الحروف وتضيع الكلمات فيقسو على نفسه ويبتلع مرارة الظلم والقهر لكي ينسى وأصعبهم من يجعل خسارته كسوط يجلد به كل من يحاول الإقتراب منه وقد يتخذ منها فخا يصطاد به فريسته ليذيقها مرارة الألم الذي تجرعه، ومنهم من يقف على محطة الإنتظار لعله يجد من يأخذ بيده و ينسيه ولو جزء بسيط من خسارته، تلك بعضا من حلول وطرق النسيان وغيرها الكثير، ولكن الحقيقة ليس هناك نسيان بل تناسي، فالنسيان أكبر وهم صنعناه ونسجنا خيوطه بأدينا، كذبة نعيشها لنهرب من واقع فُرض علينا رغما عنا ؛ لنقلب صفحة من صفحات العمر أرهقت كاهلنا ؛ لنحاول أن نعيش مرة أخرى فنخفف من لحظات الألم و السعي وراء الإنتقام ونطفىء الغضب والكراهية ولكنها لن تزول بل سنظل نتعثر بها بين كل فصل من فصول حياتنا، بالرغم من ذلك يظل النسان بمثابة جرعة أوكسجين لنتعامل بأناقة مع تلك الخسائر لكي لا تصدأ هويتنا مع الأخرين وجسر عبور بين متاهات العمر وسيبقى كل شيء عالق بنا رغم مرور الزمن و تعجز يد النسيان أن تطاله ..