"شجرة البؤس".

سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

 "شجرة البؤس".

 بقلم الدكتورة / سحر محمد محمد علي

يحكى عن شاب و شابه تزوجا عن طريق أهلهم اللذين كانت تربطهم صداقة و علاقة عمل ...تزوجا و رغم قبح زوجته الشديد فإن الزوج لم يرَ امرأةً سواها و لم يعرف زوجةً غيرها فلم يتذمر يوما من قبح زوجته الشديد...بل ربما لم يخطر بباله يوما أنها قبيحة..هى زوجته و كفى...يحبها بشدة لأنها تمثل له السكن و المودة و الرحمة و التراحم ، فلم يفكر يوماً إن كانت جميلةً أو قبيحة هو يحبها لأنها زوجته و هذا كافٍ بالنسبة له...
مرت الأيام و ولدت الزوجة طفلة تشبهها فى قبحها الشديد و لكن فرحة الزوج كانت عارمة... فقد رزقه الله ابنة... و قد صارت قرة عينه و شغله الشاغل..و عاش الزوج و زوجته وطفلتهما سعداء و أغدق الأب على ابنته الدلال و الحب حتى لم يُنقصِها حبا و لا رعاية...ثم جاء اليوم الذى وضعت فيها زوجته طفلة اخرى..و لكنها هذه المرة بارعة الجمال...و للمرة الاولى يرى الزوج ما لم يره من قبل!!!!
أنارت له طفلته الجديدة عينيه فيرى للمرة الأولى كم أن زوجته شديدة القبح هى و ابنته الأولى مقارنة بطفلته الثانية!!!...و منذ تلك اللحظة.. يزرع بذرة البؤس فى بيته حتى تتحول لشجرة البؤس تتملك بيته... فلم يعد سعيداً كما كان!!!! 
لم تعد زوجته الحبيبة تُرضيه، و لم يملك إلا أن ينفر من طفلته الأولى و هو ينظر لطفلته الثانية رائعة الجمال....
تكبر شجرة البؤس و تنمو يوما بعد يوما و تنتهى القصة باستمرار بؤس تلك الأسرة عندما تحل على الزوج لعنة المقارنة بين طفلتيه فيبدأ فى التفريق فى المعاملة بينهما ،و يتغير فى معاملته لزوجته التى لا ذنب لها سوى أنها ولدت طفلةً تشبهها فى قبحها و طفلةً بارعة الجمال.....

أتذكر تلك الرواية كلما أطلق أحدهم السؤال الخالد: ترى ما هو سر السعاده فى الدنيا؟؟؟
الحقيقه أن كل انسان يصنع سعادته بنفسه عندما ينظر دائما للجانب المشرق فى كل أمر فى حياته..عندما يرضى بما قسمه الله له و يتعامل معه على أنه أفضل شيء له...
ذلك الزوج فقد السعادة فى اللحظة التى تخلى فيها عن رضاه عما يملك...ربما كانت زوجته قبيحة..لكنها صالحة...ربما له ابنة قبيحة لكنها تحبه...
لم ينظر للحظة أن الله أكرمه بطفلة ثانية جميلة و هى نعمة من الله...لقد نسى نعمة الله عليه و تعامل معها على أنها أظهرت له شيئاً ينقص حياته...
لقد قسم الله الأرزاق للناس و لم يعطِ أحدا كل شيء... ليساعد الناس بعضهم بعضا و يكملوا بعضهم بعضا....

لازلت أنظر إلى تلك السيدة التى تأتى لتنظف لنا المنزل و أنبهر بقدرتها على الإستمرار فى المجهود البدنى طوال اليوم بينما أقضى أنا أياماً فى ترتيب مكتبى...!!
لقد رزقها الله الصحة و رزقنى المال لأصبح أنا الوسيط الذى يرزقها الله من خلالها المال...و جعلها الله وسيطا ليرزقنى الله ربى الراحة و الوقت لأقضيه فى ما هو أهم...لذلك أعطيها أجرها و أنا سعيدة ممتنة لربى ثم لها....

إن كنت تبحث عن السعادة فَكُف عن المقارنة بين ما تملك و ما لا تملك...كف عن إحصاء ما يملكه غيرك و ليس عندك و ابدأ فى عد ما منحه الله لك و ارضَ به...فالرضا فى حد ذاته فضلٌ و نعمة...

لا تزرعوا فى حياتكم بذرة البؤس فقط قل الحمد_لله

 

 بقلم الدكتورة / سحر محمد محمد علي

 -أستاذ مشارك جامعة أم القرى


مرام محمد مرام محمد
محرر وناشر

محررة وناشرة للاخبار

0  1144 0

الكلمات الدلالية

آخر المعجبين بالخبر

التعليقات


اكتب تعليقك هنا

اخبار مشابهة

اخبار مقترحة