الكاتب / .د فيصل معيض السميري (الطموح)
المعلومات ركيزة أساسية في اتخاذ القرار على كافة المستويات ، لا يمكن الإقدام على أي عمل مالم تكن المعلومات مستوفية في هذا المجال ، والمعلومات تميز من يحصل عليها ويتعامل معها عن غيره ولذلك لا نستغرب إذا
قلنا نحن في زمن حرب المعلومات.
الله سبحانه وتعالى ميز أدم عليه السلام بالمعلومات حين
أخبر الله الملائكة بأنه سوف يجعل في الأرض خليفة فقال سبحانه " إني جاعل في الأرض خليفة " ثم قال سبحانه ( وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ) وهنا تتجلى أهمية المعلومات وقدرتها على إعطاء التفوق لمالكها عن غيره .
والمعلومات للأجهزة الأمنية على اختلاف مستوياتها تعد الأوكسجين لهذه الأجهزة كونها الأساس التي يُبنى عليها
قرارتها خاصة في الجانب الوقائي ، والإستفادة منها في التحقيق من جانب أخر إذا ارتكبت الجريمة ، والمعلومات تعد الخزن الإستراتيجي للأجهزة الأمنية خاصة في هذا العصر والتي اصبحت المعلومات سلعة لا تقدر بثمن .
ولابد التنويه أن الأجهزة الأمنية لا تهرول مباشرة خلف أي معلومة تصل لها وإنما تخضعها للتحليل الدقيق والربط بينها وبين مايوجد من معلومات في خزنها الإستراتيجي،
كون الأجهزة الأمنية يرتبط جل أعمالها بحفظ ارواح الناس والممتلكات ،وتوفير البيئة الأمنية المطمئنة ولذلك تتعامل مع المعلومات
١- بالشراهة يعني الإستزادة مهما كان حجم المعلومات .
٢- الشك يعني عدم التعامل مع أي معلومات فورا
قبل إخضاعها للتحليل .
من هذا المنطلق كيف قُتل / اسماعيل هنيه رئيس المكتب السياسي في غرفة نومه في مبنى المحاربين القدامى شمال طهران مبنى خاضع لحراسة وإشراف الحرس الثوري الإيراني ، هذه العملية لم تكن لتحصل إلا بوجود معلومات دقيقة جدا ، حينما استطاعت اسرائيل الوصول إليه بهذه السهولة وإلى غرفته بالتحديد فإن الأمر يدعو للدهشة والتساؤل
كيف أُخترقت الدائرة الضيقة القريبة من أسماعيل هنيه ؟
وكيف تم تحديد المكان والزمان بهذه الدقة ؟ ويثير تساؤلات
عن حجم جواسيس اسرائيل في كل مكان فالمعلومات هي من حدد كذلك الأهداف التالية :-
١- المعلومات قادت إلى مكان / فؤاد شكر ( الحاج محسن ) في ضاحية بيروت الجنوبية والمسؤول عن عملية مجدل الشمس في الجولان المحتل ، ويعد شكر الساعد الأيمن لحسن نصرالله .
٢- المعلومات قادت إلى مكان / صالح العروي الرجل الثاني في المكتب السياسي لحماس عندما كان متواجد في الضاحية الجنوبية حيث مقر حزب الله .
٣- المعلومات قادت إلى مكان / محمد الضيف و رايد سلامه قبل اسبوعين في شمال غزة .
٤- المعلومات من قادت إلى الإجتماع الذي تم في القنصلية الإيرانية في دمشق قبل خمسة أشهر تقريبا
وقُتل فيها / محمد رضا زاهدي قائد الحرس الثوري في سوريا .
٥- المعلومات من قاد إلى أماكن كبار الخبراء في البرنامج النووي الإيراني .
٦- المعلومات من حدد وصول / قاسم سليماني وابو مهدي المهندس إلى بغداد عام 2020 .
٧- المعلومات قادت إلى تصفية أكثر من 25 شخص من قيادات الصف الأول في حزب الله منذ دخول حزب الله في الحرب قبل عشرة أشهر .
هذه الحالات المذكورة تُبين أثر وقوة المعلومات في تصفية قيادات استطاعت الأجهزه الأمنية الإسرائلية الوصول اليها إما عن طريق الإختراق الإلكتروني واختراق الدوائر
الضيقة لهؤلاء الأهداف سواء كانوا في غزة أو طهران أو دمشق أو الضاحية التي يتحصن فيها / حسن نصرالله.
في الختام … أصبحت أهمية واحتياطات الأمن الذاتي ضرورية جدا سواء كانت الإحتياطات تتعلق بحماية الشخص أو مكانه أو المعلومات التي يتعامل معها .
التقنية الجديدة مكنت أجهزة المخابرات من اعتراض المعلومات . هذا من جانب آخر ومن جانب آخر الإستدراج من خلال الوقوع في الملذات واستخدامها ورقة ضعط في التجنيد البشري ، وهذا ما مكن اسرائيل من الوصول إلى قيادات الصف الأول في غرف نومهم .
اخيرا .. طريقة الوصول إلى غرفة نوم رئيس المكتب السياسي لحماس / إسماعيل هنيه وفي طهران ، يدق جرس إنذار بضعف وهشاشة الأمن الإيراني والسوري واللبناني وحماس والجهاد ، ولا ننسى الحوثي هذه من ناحية ، ومن ناحية اخرى يكشف حجم وقوة الجواسيس الإسرائلية على الأرض وفي كل مكان ، وأنها لا تبخل في الصرف مهما كلف للوصول للمعلومات الصحيحة ؛ التي تمكنهم من الوصول إلى أهداف بحجم / اسماعيل هنيه .
والسلام ....