جنة الفضيلة وكوكب الأخطاء .

سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

جنة الفضيلة وكوكب الأخطاء .


أعلم وتعلمون إن الكرة الأرضية ذات المساحة الشاسعة التي لا يقدر أن يحصيها بشر، أصبحت الآن وكالقرية الصغيرة يعلم كل فرد فيها تفاصيل الآخرين بطريقة غير مريحة واصبحنا دائماً في دائرة القيل والقال بفعل التكنولوجيا الحديثة والتي أصبحت في كل بيت وبيد كل شخص.
فأنا لست بالناكر لفوائد التكنولوجيا، ولا أدعو حتى للتخلي عنها فهي بالفعل لها فوائد لا تعد ولا تحصى، لكننا وللأسف اصبحنا نتصيد الأخطاء من بين ألف فعل صحيح حتى غدى البعض متخصص في تتبع الزلات والهفوات، والعجب كل العجب ممن يهاجمونا على اختياراتنا ويتدخلون في أدق تفاصيلنا. في الحقيقة، تفادي الأخطاء واكتشافها وتصحيحها يظل حتى الآن أمراً أساسياً لتحقيق النجاح والتطور الشخصي والمهني، لكن يبعد عن ذلك تماماً عندما يزيد عن حده ويتحول إلى هجوم.
وفي ذلك أعجبني ما قرأت عن حكيم كان يعبر عن غضبه ممن يهاجمه بعبارات ثلاث مهذبة، لخص بها كل ما قيل وكل ما سيُقال، فقال
"لا تبحث عن أخطائي، فقد تجد نفسك فيها على أول القائمة" وبالفعل يراودني هذا السؤال كثيرا لماذا نحاول وباستماته أن نبحث عن الأخطاء في حياة الآخرين ونحن نعلم تمام العلم أننا قد نكون على أول قائمة تلك الإختيارات الخاطئة؟ ولماذا دائما نضع أنفسنا في خانة التفكير الصحيح وكأننا ملائكة معصومون من الخطأ وكل من حولنا خطائين؟ فلكل منا قناعته ولكل منا قراراته ونحن ليس بقضاه على أحد فدع الخلق للخالق وانشغل بنفسك أولاً وثانياً وثالثاً، مستأنساً بأفكارك وقراراتك الصحيحة دائما "من وجهة نظرك" ولا تشغل نفسك بما لا يعنيك.
والمقولة الثانية "إنه عقلي، فلا تبحث فيه عن افكارك" فلماذا نبحث ونحاول أن نتحكم في عقول من حولنا؟ لماذا نتعامل مع عقول غيرنا أنها ملك لنا أو لعبة يمكننا التحكم بها؟ فهي عقولهم وأفكارهم وبالتأكيد ذلك ما يرونه صحيح فلا تحاول أن تغير به شيء أو تبحث فيه عن آراءك وافكارك فلكل منا فكره ورؤيته الخاصة التي تتغير وتتشكل بناءًا على خبراته الشخصية ورؤيته للحياة. لذا، ينبغي علينا أن نتذكر دائماً أن التدخل في عقول الآخرين والتشكيك في اختياراتهم ليس له مبرر.
فكل فرد مسؤول عن رحلته الشخصية وقراراته الخاصة. لكن هل ذلك التدخل غير المبرر نتيجة لرغبتنا الدائمة في الآعتقاد بأننا أفضل منهم؟ أم أنها مجرد محاولة للتغطية على أخطاءنا الخاصة وعيوبنا الداخلية؟
وقد قال أيضاً "ليس كل غصن غادر الشجر مات، فالبعض عاد إليها فأسا ليقطعها" فليس كل من أخطأ لا يستطيع التفكير أو أصبح بلا فائدة فكثير يُخطئ، والأكثر يعلم خطئه ومسبباته وحلوله، فلماذا لا نأخذ في الإعتبار العوامل المحتملة التي قد تؤدي إلى الأخطاء؟ لماذا لا نرى كل تلك المسببات التي قد تُوقع بالفرد في الخطأ رغماً عنه وإنه على الرغم من ذلك الخطأ إلا إنه يعود ثانيةً بقوته وقدرته على التفكير الصحيح، ولذلك، علينا أن نفهم أن الطبيعة الإنسانية لا تكتفي بالأخطاء، بل تمتلك قدرة فريدة على التعلم والتحسن. إن الخطأ يمكن أن يكون محط إلهام ودافع لتحقيق تطور شخصي ومهني. ولهذا السبب، يعود الإنسان ثانيةً بقوة وقدرته على التفكير الصحيح، ليثبت أن النجاح ينبع من تعلم الأخطاء والسعي نحو تحسين الذات.
فمهاجمتك للغير ما هي إلا توضيح وتأكيد على مشاكلك وعقدك النفسية وعدم خبرتك الكافية، فعلى الرغم من أن كل بني آدم خطاء إلا إن من نهاجمه يمكن في الأساس أن يكون على حق ونحن من نحمل الخطأ، فدع الخلق للخالق وكن في حياتك ولا تجعل نفسك والياً وحاكماً على أفعال الآخرين، وأخرج نفسك من دائرة الفضيلة والمثالية، وانزل إلى أرض الأخطاء.


الكاتب / طارق نواب 
شبكة نادي الصحافة الإلكترونية


غاليه الحربي غاليه الحربي
المدير العام

المالكة ومدير عام ورئيس تحرير صحيفة شبكة الصحافة للنشر الالكتروني - مدير عام المنابر التعليمية والتربوية بالشبكة

1  160 0

الكلمات الدلالية

آخر المعجبين بالخبر

التعليقات

mabell

This article is very good. I like these things I want you to continue developing the website. บาคาร่าออนไลน์

2024-03-18 06:23ص
1

اكتب تعليقك هنا

اخبار مشابهة

اخبار مقترحة