الهواجس الذاتية...

سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

 

الكاتب - طارق محمود نواب 

 

يُعد سعي الفرد لتحقيق مصلحته أمراً طبيعياً يدفعه لاتخاذ القرارات والأفعال التي تحقق له الفائدة الشخصية. ومع ذلك، هناك حالات تصبح فيها هذه المصلحة الذاتية محورية بطريقة تفاقم من تأثيرها، وهذا ما يُعرَف بانحياز المصلحة الذاتية.

فالإنحياز هو إطلاق الأحكام المسبقة على بعض المواضيع والمواقف ووجهات النظر المختلفة والتحيز لشيء معين دون الإهتمام بالأمور الأخرى، وخصوصاً بغرض المصلحة الشخصية. فيمكن أن يحافظ الإنحياز على صورتنا الذاتية، ولكنه قد يسبب لنا فشلاً كبيراً في حق أنفسنا.

فانحياز المصلحة الذاتية يشير عموماً إلى الإمالة القوية نحو اتخاذ القرارات والأفعال التي تخدم مصلحة الفرد دون مراعاة أو تقدير للمصالح العامة أو للآثار السلبية المحتملة. فيمكن أن يكون هذا الإنحياز ناتجاً عن عوامل متعددة، منها الطموح الشخصي القوي، والخوف من الخسارة، والإنعزالية، وغيرها من العوامل.

فمن المؤكد أن الشخص يهتم بنجاحه وتميزه، وعندما يكون منحازاً للنجاح الشخصي، فإنه يربط نجاحه بقدراته الذاتية ، معتقداً بذلك أن هذا النجاح حدث بفضل حظه الوفير وذكائه ومهاراته ومميزاته. وبشكل سطحي، يبدو هذا أمراً جيداً. ولكن هذا الإنحياز قد يأخذ مساراً آخر عندما نتحيز للمصلحة الشخصية فقط.

وهذا يعني أنه إذا فشل الشخص في بعض الأمور، فلن يكون منحازاً لنفسه في هذا الفشل، بل سيعزو ذلك الفشل إلى العوامل الخارجية دون أن يضع اللوم على نفسه، حتى يحافظ على النظرة الإيجابية لذاته التي لا تخطئ أبداً... وفقاً لاعتقاده. وهنا يحدث خلل في نظام التوازن الذاتي، حيث يطلق الشخص بتلك الحالة السلبية حكماً على ذاته بأنه غير مسؤول عن أي خطوة أدت إلى الفشل.

لكنه على الرغم من ذلك قد يكون الإنحياز مفيداً للفرد في بعض الحالات، وحينها يدفعه لتحقيق النجاح الشخصي والتفوق. ومع ذلك، قد يؤدي هذا الإنحياز إلى عواقب سلبية، مثل الإستغلال الذاتي للآخرين، وتفاقم الإنقسامات الإجتماعية، وضعف العلاقات الإنسانية.

وعلى المستوى الإجتماعي، يمكن أن يكون انحياز المصلحة الذاتية مدمراً. فعندما يتسبب الأفراد في تجاهل مصالح المجتمع العامة لصالح مكاسبهم الشخصية، يمكن أن ينجم عن ذلك تفاقم كبير للمشكلات الإجتماعية والإقتصادية. حيث يتجلى ذلك في عدم المساهمة في تقديم الخدمات العامة، وازدياد العدمية والتباعد الإجتماعي.

وللتغلب على ذلك الإنحياز، يجب أن يكون هناك توازن بين مصالح الفرد ومصالح المجتمع. فيمكن تحقيق ذلك من خلال ترسيخ قيم النزاهة والمشاركة والمساواة في الثقافة والتعليم. وعلاوة على ذلك، يمكن للقوانين والتشريعات المنظمة توجيه السلوك الفردي نحو تحقيق العدالة والمصلحة العامة.

فانحياز المصلحة الذاتية قضية معقدة تؤثر على الفرد والمجتمع. ومن المهم أن نتعامل مع هذا الإنحياز بحذر، وأن نسعى لتحقيق التوازن بين المصالح الشخصية والمصالح العامة. لأن تحقيق هذا التوازن سيسهم في بناء مجتمع أكثر عدالة وتنمية.

وفي الحقيقة، يجب ألا ينعدم الإنحياز بداخل الفرد، بل يجب أن يكون للفرد انحياز نحو النجاح لتحقيق ذاته، ولكن ما لا يجب عليه هو جعل هذا الإنحياز سبباً داخلياً خاصاً به. فعلينا أن ندرك أن كل فرد منا قد ينجح وقد يفشل، وهذا أمر طبيعي ومحتمل للجميع. فلا يوجد شخص ناجح بدون أن يشهد بعض الفشل المرير في رحلته، ولذلك يجب أن لا نسمح لعاطفة حماية الهوية الذاتية بالتحكم فينا وأن نقبل الفشل بنفس القدر الذي نقبل به النجاح.

فإن انحياز المصلحة الذاتية أمر طبيعي في سياق حياة الفرد، ولكنه يحتاج إلى توازن وتوجيه. وعندما يتحقق هذا التوازن، يمكن للأفراد أن يحققوا تطوراً شخصياً ويساهموا في بناء مجتمع أكثر استقراراً وتنميةً.

 

 

الكاتب / طارق محمود نواب

 

اعلامي بشبكة نادي الصحافة


ابراهيم الحكمي ابراهيم الحكمي
مدير الدعم الفني

0  183 0

الكلمات الدلالية

آخر المعجبين بالخبر

التعليقات


اكتب تعليقك هنا

اخبار مشابهة

اخبار مقترحة