هل الهرمية في العمل ضرورية؟
لا بد أنك سمعت يوماً ما عن مصطلح "الهرمية"أو "التراتبية"في بيئة العمل و على الأغلب أنك أنت نفسك قد عانيت منها . فما هي الهرمية؟و هل هي السلم الوظيفي ذاته؟
في حياتنا المعاصرة –وخصوصاً في مجتمعاتنا العربية-أصبح العمل و الحياة متلازمان بشكل قوي و أقوى من المفروض او الطبيعي ، فأصبح الفرد منذ صغره يربى على فكرة أن عليه الدراسة باجتهاد لتحصيل شهادة جامعية ثم الانخراط في سوق العمل لتأمين قوته و حياته الكريمة له و لأسرته ، فالرجل أصبح وقته مخصصاً بالكامل لعمله بعد ان باشر في وظيفة ما في شركة معينة،قل بقاؤه مع أفراد أسرته و قضاء الوقت معهم،و قل أيضاً قضاؤه الوقت مع نفسه او اهتمامه بشخصه،بالمختصر أن العمل أصبح جزءاً كبيراً من الحياة.
وتختلف بيئة العمل باختلاف المنظمة أو الشركة التي يعمل بها الفرد،أو إذا كان صاحب عمل حر هو مرؤوس نفسه،لكن شريحة كبيرة من أفراد مجتمعاتنا تعمل في وظيفة لدى هذه الشركة او تلك،و كل شركة لها قوانينها و ضوابطها و شروطها التي يجب احترامها لمتابعة العمل بها،لكن الاهم هو مناخها،فمن يقضي ست او ثمان ساعات في عمله،هو حرفياً يعيش هناك،و ربما أصبحت ساعات العمل تعادل ساعات الحياة في المنزل بل أكثر احياناً،فهل دائماً يعيش المرء في عمله كما يتمنى؟
أي شخص منا في مرحلة ما من حياته عانى من مناخ العمل،ربما بعضنا يعاني حتى الآن ، علاقة متوترة مع المدير،أو علاقات غير جيدة مع الزملاء الموظفين،مصادر التوتر و المشاكل في العمل كثيرة،ما يهمنا اليوم هو الهرمية في العمل،ما هي و لماذا خلقت و وجدت؟و كيف نعاني منها؟
الهرمية ببساطة هي ترتيب السلطة الوظيفية و القوة في بيئة العمل،فأنت تأمر من هو ادنى منك وظيفياً و تحمله الاعباء و المهام و التكليفات و تشرف عليه،و مديرك يقوم بالشيء نفسه معك،و تدور في حلقة مفرغة من الأوامر،الهدف الأساسي من إيجاد الهرمية و اعتمادها في بيئة العمل هو هدف إيجابي،فهناك موظف أكثر خبرة من آخر،و المدير عليه أن يشرف على الفريق،و كل من موقعه يشرف على الآخر،و الجميع يعمل كما المفروض و الأوامر و المهام تنفذ و تطبق حسب هدف المشروع او الشركة.
لكن الكارثة الحقيقية عندما يصبح تطبيق الهرمية من منطلق شخصي،غرور او اختيال أو تفريغ عقد نفسية في الآخرين،أو ببساطة من مبدأ انا يحق لي أن أصدر الأوامر... فلم لا!بغض النظر عن صيغة الأوامر أو صحتها من عدمها،و هذا ما يخلق التوتر في مناخ العمل،و متى وجد التوتر... غاب الإنتاج الفعال.
و مع الممارسة الخاطئة للهرمية و تحويلها من شيء وجد بهدف التنظيم الى شيء يمارس من باب التكبر أو التهرب من المسئولية أو حتى الانتقام،يتخلخل توازن نظام العمل،و كنتيجة طبيعية متوقعة سيتحول الفرد من محب للعمل منتج و فعال في موقعه،إلى شخص كاره لنظام المؤسسة حاقد على تراتبيتها الوظيفية و على من هم أعلى منه في هرم الوظيفة.
لكن الموضوع يتجاوز مكان العمل،و يصل في كثير من الاحيان الى البيت ، فترى الزوج غاضباً على أسرته طوال الوقت،يصرخ و ينفعل من أصغر تصرف أو موقف خاطئ في البيت،أو ينطوي على نفسه كارهاً لعمله و حياته،و كل ذلك بسبب ممارسة الهرمية بشكل خاطئ و ضار... لذلك ترى الكثير يكرهون كلمة "الهرمية" !
الكاتب : بندر محمود نواب
عضو صحيفة شبكة نادي الصحافة