بيئة العمل المحترمة
الكاتب / ابراهيم احمد آل الفقهاء
بيئة العمل هي الحاضن الناضج الأول للموظف لعقود من الزمن مما يشكل رابط قوي بينهما تعاملا والتزاما. والبيئة هي كيانات متعددة (إنساناً ومكاناً وعتاداً) والتعامل معها يستوجب التزامات مختلفة حسب نوعية بيئة المكون تعاملاً خاصاً بما يضمن حالة حميمية شعورية (المحسوسة وغير المحسوسة) تسمى (الاحترام).
وبقدر ما يشعر الموظف بالفخر تجاه وظيفته بقدر ما يكون احترامه لذاته أولاً ثم احترامه لبيئة عمله. وهذه العلاقة الطردية تناسباً إيجاباً تساهم في خلق بيئة عمل محترمة مُسيجة بالطمأنينة استقراراً والتميز إنتاجاً كماً وكيفاً. حيث أثبتت الدراسات أن 80% من الموظفين الذين يعاملون بصورة غير حضارية يقضون مدة طويلة يجترون مرارة السلوك السيئ. و 48% منهم يتعمدون تقليل جهودهم نتيجة لذلك.
وبهذا تكون قيمة (الاحترام) هي اللاعب المحوري في العلاقة التفاعلية بين الموظف وبيئته كونها رغبة إنسانية وقيمة متأصلة وهو حق للجميع من الجميع وهو ما يعرف بالاحترام الواجب.
وهناك (الاحترام المكتسب) يحصل عليه الفرد بما يقدمه من سلوكيات وما يمتلك من صفات وقيم تميزه عن غيره تجاوز بها سقف التوقعات في إعداد بيئة المعرفة علماً وأداءً وخلقاً وتعاملاً وهذا دليل على أن لدى كل منا نقاط قوة وأن الجميع يتمتع بمواهب فذة وفريدة, من عرف مفاتيحها فتح المغلق ومن جهلها بقي في الخارج يستجدي عون الأخرين عاجزاً.
وجود النوعين معاً شرط أساسي لنمو وديمومة أي علاقة سواءً عامة (بيئات عمل) أو خاصة (عائلية أو صداقات) ولكنهما رغم أهميتهما ليسا الفيصل في نجاح أو فشل العملية التفاعلية لأنهما متغيران يحتاجان إلى ضابط يسمى (التوازن المناسب).
كيف؟
بيئة العمل التي يغلب فيها الاحترام الواجب تهمش الإنجاز الفردي وتجعله يتذيل قائمة الأولويات لتساوي مستوى المعاملة احتراما بغض النظر عن جودة العمل المقدم من رداءته استناداً لمقولة (القافلة تسير).
بينما بيئة العمل التي يغلب فيها الاحترام المكتسب تكون شديدة التنافسية وتهمل التعاون وقد تتحول إلى بيئة عدائية بسبب الرغبة في مزيدٍ من الكسب مقابل مزيداً من إهمال قيم الاحترام الواجب. (أنا ومن خلفي الطوفان).
وهنا يأتي دور القادة في تفعيل دور الضابط (التوازن المناسب) لكلا النوعين ورفع سقفهما نسبة وتناسباً يجعلهما يتعاضدان بدل أن يتنافرا حسب الوضع العام لسلوكيات الموظفين وأدائهم في تناغم سلس يرسو بهما على بر أمان (الاحترام) المتبادل والمجسد عملا تكامليا يفجر ينابيع التميز والإبداع ابتكاراً وإنجازاً تفاخر به بيئة عمله المحترمة بكل مكوناتها.
معيار الضبط هذا هو توافقي بين نقيضين يعتمد نظرية واحد + واحد يساوي ثلاثة (أي نقيض يتعاضد مع نقيض يتولد منهما اتفاق يرضي الطرفين يسمى البديل الثالث) بدل التنافر وخسارة الأثنين معاً وتكون النتيجة صفراً.
يستطيع الجميع انطلاقا من هذه الفلسفة من بناء بيئة عمل محترمة إذا كان هناك إيمانا ذاتي بقيمة الذات أولا ثم بجدوى هذه البيئة سواء للصالح العام أو على المستوى الشخصي، فقط نحتاج الوعي المدرك والتجرد الصادق.
فهل نملك ذلك؟
والأهم هل نفعل هذا التوافق ؟