الثلاثاء, 21 مايو 2024 08:58 صباحًا 0 303 0
لماذا نتعلم من الإختلاف ؟!
لماذا نتعلم من الإختلاف ؟!

لماذا نتعلم من الإختلاف ؟!


تخيل معي لو أن هناك نمط واحد من كل شيء !  أو شكل واحد للحياة، ذلك النمط يكون فيه كل الأشخاص متشابهون في الصفات ، والشكل ، وطريقة التفكير ، تخيل لو بجسمك كله عين فقط ! أو أذن! فقط ولم يكن هناك باقي الأعضاء ! بل انظر للطبيعة وتخيل وجود نمط ، واحد مثل ليل فقط ، أو نهار فقط ، أو حتى وجود مطر بلا انقطاع ، أو شمس بلا ليل ، هل كان سيصبح للحياة معنى؟ انظر حولك ستجد وكأن الطبيعة بنفسها تؤكد لنا أهمية وحتمية وجود الإختلاف في كل شيء كنعمة لابد من إدراكها والإستفادة منها وليس كنقمة ممكن أن تؤدي إلى حروب وكوارث إنسانية بسبب عدم تقبل الإختلاف بين الشعوب.
فينتج الإختلاف بيننا كنتيجة طبيعية جدا لطبيعة تلك الحياة، فنحن وُجدنا في هذا الكون مختلفين عن بعضنا البعض ، كلا منا له افكاره وسماته الشخصية والفكرية والجسمانية، حتى أدق التفاصيل تختلف من شخص لآخر، فتجد أن حتى بصمة إنسان لا تتفق في شخصين ؛ لذا فالإختلاف شيء طبيعي جدا وصحي أيضاً لأنه من خلال تعرفك على الاشياء الأخرى الموجودة لدى الأخرين ، وليست موجودة بداخلك ؛ تكتسب ثقافة ومعرفة اضافية إلى معلوماتك، فالخلاف في الرأي نتيجة طبيعية جدا لإختلاف المفاهيم وتباين العقول وتمايز مستويات التفكير. حيث يختلف العقلاء ويتحاورون في حدود العقل دون أن تصل آثار اختلافهم إلى حدود التصادم ، فهم يدركون أن الناس لابد أن يختلفوا في أشياء ويتشابهوا في اخرى، وفي العموم إن الإختلاف لا يُفسد للود قضية. فهناك من يدرك تماما إنه إن أخذ بآراء من يتفق معهم فلن يستفيد جديدا ، أو يضيف إلى معلوماته شيئا جديد ، لكن إذا ناقشت أناس اختلف معهم في الآراء ربما ثبتت صحة وجهة نظرهم ، وربما اكتشفت أنني على خطأ وهؤلاء على صواب ، ولم أعرف هذا قبلا لأني كنت مع اناس متفقين معي في الرأي .
فالكثير منا لا يملك ثقافة الإختلاف في الرأي لأنه يرى إن الإختلاف على رأي ربما يمتد إلى ما هو أبعد من ذلك ، فيبدأ يسقط الإحترام وتذهب المحبة ، وننسى الصداقة ، ويظهر معدن الرجال ، ويخرج ما في جعبتهم ، فالإختلاف في الآراء لا يعني قطع العلاقات ؛ ولذلك فالإختلاف فن .
 وكوني اختلف معك أو تختلف معي ، هذا لا يعني أني اكرهك بل العكس ، فعند الإختلاف يتطور العقل ويتشبع بكل ما هو جديد....فالإختلاف وجد لنتكامل ، لذا لو اختلف شخصان فليس بالضرورة أن يكون أحدهما على صواب ، والاخر على خطأ ، فقد يكون الإثنان على صواب ، لكن كل منهما يرى الموضوع من زاوية مختلفة ، حتى وإن بدلت الأدوار ، سيختلفون ايضا، فطبيعة الاحتكاك في الحياة تولد وجهات نظر مختلفة ، وهذا له ايجابياته ؛ فهو يتيح لنا توليد أفكار جديدة ، والبحث عن حلول ومناهج متعددة ، وهو رياضة مهمة جدا للذهن ، كما يفتح مجالات التفكير ؛ للوصول إلى كافة الإفتراضات التي تستطيع العقول المختلفة ، التوصل إليها ؛ ومن هنا تتكامل وجهات النظر .
فعلينا تقبل اختلاف وجهات النظر ، من خلال إعطاء الشخص الآخر حق التعبير عن وجهة نظره ، وآرائه وعرض وجهات النظر بطريقة جيدة ، ومرنة، دون التشدد أو التعصب بشكل شخصي ، فلا يمكن أن تنكر الإختلاف في وجهة النظر ، والرأي ، بل ينبغي تقبل جميع الآراء ، والاختلافات ، والتحاور ، كما يجب أن يكون ذلك بالإسلوب اللائق ، لا بإسلوب الصراخ ، ورفع الصوت ، وعدم الإحترام ، مما يدل على ضعف الحجة ، وتحوير النقاش إلى فائز ومهزوم ، بعيداً عن محاولة تقبل الآراء ، ومحاولة معرفة الحلول الصحيحة ، لمحور وصلب النقاش .
فحاول الإلتزام بقدر الإمكان بآداب الحديث ، وتجنب التعصب ، والإستهزاء ، والسخرية ، أو التهميش ، وعدم الإهتمام بأراء الآخرين .
 كما أن أهم مظاهر الإحترام ، أن يكون النقد موجهاً للرأي ، أو الفكرة ، وليس للشخص المتحدث الذي يطرح الرأي ؛ حتى لا يكون الموضوع متعلقا بالجانب الشخصي للمتحدث ، عليك أيضاً أن تستفيد من كل شخص مختلف عنك في الفكر .


الكاتب / طارق محمود نواب

اعلامي بشبكة نادي الصحافة الإلكترونية

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

محرر المحتوى

غاليه الحربي
المدير العام
المالكة ومدير عام ورئيس تحرير صحيفة شبكة الصحافة للنشر الالكتروني - مدير عام المنابر التعليمية والتربوية بالشبكة

شارك وارسل تعليق