السبت, 15 مارس 2025 07:44 صباحًا 0 636 0
التسامح في رمضان: روحانيةٌ وسلوكٌ راقٍ
التسامح في رمضان: روحانيةٌ وسلوكٌ راقٍ
التسامح في رمضان: روحانيةٌ وسلوكٌ راقٍ

التسامح في رمضان: روحانيةٌ وسلوكٌ راقٍ

 

بقلم الكوتش عبدالله عبدالهادي

مدير التحرير والتسويق في صحيفة شبكة نادي الصحافة الإلكترونية

 

 

الهدف

 

يهدف هذا المقال إلى تعزيز ثقافة التسامح كقيمةٍ أساسيةٍ في حياة الإنسان، وإبراز أهميته في شهر رمضان المبارك، باعتباره شهر الرحمة والمغفرة والصفاء النفسي. كما يسعى إلى تسليط الضوء على فوائد التسامح وأثره في تحسين العلاقات الإنسانية، وترسيخ المحبة بين الأفراد، وتعزيز الروابط الاجتماعية القائمة على الاحترام والعفو.

 

إن التسامح ليس مجرد تصرفٍ عابر، بل هو أسلوب حياةٍ يُحقق السلام الداخلي، ويُقوي العلاقات، ويُعزز من روح الأخوة والتآلف. ومن خلال هذا المقال، نهدف إلى إلهام الناس لتبني هذه القيمة العظيمة، وجعلها جزءًا من سلوكهم اليومي، خاصةً في رمضان، حيث تتجلى أسمى معاني الرحمة والعفو، ويكون التسامح طريقًا لنيل رضا الله ومغفرته.

 

 

ما هو التسامح؟

 

التسامح بشكل عام

 

التسامح هو أحد القيم الإنسانية العُليا التي تُعبر عن قدرة الإنسان على العفو، وتجاوز الأخطاء، والنظر بعين الرحمة إلى الآخرين. فالتسامح لا يعني ضعف الشخصية، بل هو قوةٌ داخليةٌ يمتلكها كل من يعي أن الحياة لا تستحق العيش في ظل العداوة والكراهية. وهو الأساس الذي يجعل المجتمعات أكثر استقرارًا، حيث يُزيل التوتر، ويُعزز المحبة، ويُقرّب القلوب.

 

التسامح في رمضان

 

رمضان ليس مجرد شهرٍ للصيام، بل هو فرصةٌ عظيمةٌ للسمو الروحي، والتطهر النفسي، والتحلي بالقيم الإسلامية السامية. فكما نمتنع عن الطعام والشراب، يجب أن نمتنع عن الغضب والخصام، لأن الصيام لا يكتمل إلا إذا كان القلب نقيًا والروح متسامحة. وقد قال النبي ﷺ:

“إذا كان يوم صوم أحدكم، فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابّه أحد أو قاتله، فليقل: إني صائم.” (متفق عليه)

 

 

أهمية التسامح

 1. راحة القلب وصفاء النفس: التسامح يُزيل الضغائن، ويُحرر الإنسان من ثقل الكراهية، ويجعله يعيش بسلامٍ داخلي.

 2. نيل مغفرة الله: قال الله تعالى: “وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ۗ أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ” (النور: 22). فمن يعفو عن الناس، يغفر الله له.

 3. تعزيز العلاقات الاجتماعية: التسامح يُعيد العلاقات المقطوعة، ويُزيل الفجوات التي تصنعها الخلافات بين الأهل والأصدقاء.

 4. تحقيق بركة الصيام: فالصيام ليس فقط الامتناع عن الطعام، بل هو أيضًا تدريبٌ على ضبط النفس، والتخلص من مشاعر الغضب والانتقام.

 5. السلام الداخلي والاستقرار النفسي: عندما يُسامح الإنسان، فإنه يُحرر نفسه من المشاعر السلبية التي تُسبب له التوتر والقلق.

 

 

الرؤية

 

إرساء قيمة التسامح كسلوكٍ إنسانيٍّ وحضاريٍّ يُعزز المحبة والسلام، وجعل رمضان نقطة انطلاقٍ لإعادة بناء العلاقات الاجتماعية بروحٍ نقيةٍ وصفحةٍ جديدة.

 

 

الرسالة

 

رمضان ليس مجرد امتناعٍ عن الطعام والشراب، بل هو شهر التزكية الروحية، وإعادة ترتيب الأولويات القيمية، وعلى رأسها التسامح. فمن أراد أن ينال رحمة الله، فليكن رحيمًا بعباده، ومن أراد أن تُمحى ذنوبه، فليغفر للناس زلاتهم، فكما تدين تُدان، وكما تغفر يُغفر لك.

 

 

كيف نطبق التسامح في حياتنا اليومية؟

 1. المبادرة بالعفو: لا تنتظر أن يأتي الآخرون ليطلبوا الصفح، بل كن أنت السبّاق إلى العفو، فالتسامح يُظهر قوة الشخصية وليس ضعفها.

 2. التجاوز عن الأخطاء الصغيرة: الحياة قصيرة، ولا تستحق أن تُهدر في المشاحنات والخلافات.

 3. الاعتراف بأن الجميع يُخطئ: كما نريد أن يُسامحنا الناس، علينا أن نُسامحهم، لأن البشر بطبيعتهم ليسوا معصومين من الخطأ.

 4. جعل التسامح عادةً يومية: ليس فقط في رمضان، بل في كل وقت، لأن القلوب المتسامحة هي القلوب التي تعيش بسلامٍ دائم.

 

 

الخاتمة

 

التسامح في رمضان ليس مجرد فضيلة، بل هو عبادةٌ تُقربنا إلى الله، وتُعزز من قيمنا الإنسانية، وتُعيد إلينا صفاء القلب وراحة الضمير. إن رمضان يُعلّمنا أن التسامح ليس ضعفًا، بل قوةٌ تُعبر عن نضج الإنسان وحكمته، فمن يسامح يُحرر قلبه من الضغينة، ويعيش بسلامٍ داخليٍّ لا يُضاهى.

 

كما أن التسامح في رمضان ليس استثناءً، بل يجب أن يكون أسلوب حياةٍ دائمٍ، لأن التسامح لا يُفيد الآخرين فقط، بل يجعلنا أكثر راحةً وسعادةً، ويُعزز العلاقات الأسرية والاجتماعية، ويجعل الإنسان أكثر قربًا من الله.

 

ومن أراد أن يكون أبناؤه متحابين ومتسامحين فيما بينهم، فليكن قدوتهم في العفو والصفح، وليرسّخ فيهم هذه القيم العظيمة، لأن ما يزرعه الإنسان اليوم في نفسه وأسرته، سيحصده غدًا في حياته ومجتمعه.

 

رمضان فرصةٌ للتسامح، فلنغتنمها، ولنمدّ أيدينا بالصلح، ولنجعل العفو عن الآخرين هديةً نهديها لأنفسنا قبل أن نهديها لهم، فالقلب النقي هو الذي يُضيء بنور التسامح، والروح الصافية هي التي تعيش بسلام.

 

فلنجعل رمضان بدايةً لتسامحٍ دائم، ونقاءٍ مستمر، وعلاقاتٍ خاليةٍ من الأحقاد.

 

السبت، 15 مارس 2025م – 15 رمضان 1446هـ

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر
التسامح في رمضان: روحانيةٌ وسلوكٌ راقٍ

محرر المحتوى

جمعه الخياط
المدير العام
مدير الدعم الفني

شارك وارسل تعليق

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من إرسال تعليقك