الجودة والسرعة نادرا ما يلتقيان .

سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

الجودة والسرعة نادرا ما يلتقيان .


في عالم الأعمال هناك شد وجذب مستمر بين الجودة والسرعة. ففي عالم نحاول فيه باستمرار أن نفعل المزيد وأن نكون أفضل ونتقدم للأمام، قد يكون من السهل نسيان أنه في بعض الأحيان تستغرق الأشياء وقتا. سواء كان الأمر يتعلق بالإقلاع عن عادة سيئة، أو تعلم مهارة جديدة، أو الوصول إلى هدف، فإننا غالبا ما نريد النتائج على الفور. ولكن الحقيقة هي أن التغيير الدائم يستغرق وقتا وجهدا.
وبالتأكيد، هناك اختصارات يمكن أن تعطينا حلا سريعا، لكنها عادة ما تكون مجرد أدوات تشبه الإسعافات الأولية يكون أثرها على المدى القصير ومؤقتة. فإذا أردنا إجراء تغييرات دائمة، فنحن بحاجة إلى التحلي بالصبر والبدء في العمل. قد لا يكون الأمر سهلا لكن الأشياء الجيدة تستحق الانتظار.
ولذلك حينما نقوم بأي عمل يجب أن نقوم به بإتقان وهدوء حتى يصبح هذا العمل على النحو المطلوب لأن سرعة العمل تجعله غير متقن وليس على النحو الأفضل، فالتسرع يؤدي إلى الإهمال والأخطاء، و من الأفضل أن نأخذ وقتنا بدلا من السرعة.
قد يكون من المغري الرغبة في إنهاء الأمور وتنفيذها في أسرع وقت ممكن، فنحن نعيش في عالم يسير بخطى سريعة، ومن السهل أن ننشغل به. لكن من المهم أن نتذكر أن قضاء وقتنا والقيام بالأشياء بشكل صحيح يكون عادة أفضل على المدى الطويل.
فحينما يتعلق الأمر بمعظم الأشياء في الحياة، فإننا نفضل عموما الأشياء الجيدة والسريعة. فمثلا نريد أن يكون طعامنا لذيذا ويتم توصيله بسرعة، وأن يكون الإنترنت لدينا سريعا ومعلوماته موثوقة، وأن تكون سياراتنا آمنة وسريعة. فالشيء نفسه ينطبق على أشياء أخرى كثيرة، بأن يكون زملاؤنا أكفاء وسريعين في إكمال مهامهم وما إلى ذلك.
ومع كل ذلك، هناك بعض المجالات التي يجب أن نقبل فيها أن الجودة والسرعة عادة ما يكونان متنافيان.  فنادرا ما تسير الجودة والسرعة معا. هذا صحيح بالنسبة للعديد من الأشياء، ولكنه يتضح بشكل خاص عندما يتعلق الأمر بالمهام التي تتطلب التفكير الإبداعي، كالكتابة أو التصميم أو حل بعض المسائل الحسابية.
فالكتابة الجيدة تستغرق وقتا. كما يتطلب التفكير والعناية والإهتمام بالتفاصيل. فعادة ما يتعين على أفضل الكتاب مراجعة أعمالهم عدة مرات قبل أن يصل الأمر إلى المعايير المطلوبة. نفس الشيء ينطبق على التصميم. يستغرق إنشاء شيء ممتع من الناحية الجمالية والوظيفية وقتا وجهدا. وغالبا ما يتطلب حل المسائل الحسابية الكثير من التجربة والخطأ قبل العثور على الحل الصحيح.
وعلى الصعيد الإداري فهناك بعض العادات السيئة لبعض من القادة أو المسؤولين وهي ممارسة كثير من الضغوط على مرؤوسيهم من أجل إنجاز المهام المكلفين بها بسرعة وبصورة جيدة، وبهذا الشكل يرتبط العمل الشاق المُضني المتواصل بالإنجاز وتصبح الراحة مرادف لإضاعة الوقت، ولكن هل فعلا الضغط على المرؤوسين والعمل الدؤوب دائما يؤدي إلى نتائج إيجابية، أم أن له نتائج سلبية أيضا ؟
وهنا يمكننا القول أن ضغط الربحية يدفع الشركات إلى إنجاز الأمور بسرعة فيقوم القائد أو المسؤول القائم على العمل بالتفكير في طريقة تسريع وتيرته وانجاز المهام بصورة سريعة وجيدة فما يخطر على باله هو يتم تطبيقه على العمليات الآلية وحدها، وبهذا فهو يحاول كما في المجال الصناعي تقليص الوقت إلى أبعد حد ممكن، فيقوم بالضغط على الإنسان لتسريع العمل بالضبط كما يحدث عندما يزيد الصناعي تشغيل آلات مصنعة ، وهنا تظهر المشكلة في جودة المهمة التي تم إنجازها فالضغط مع السرعة لا يؤديان إلا إلى عكس النتائج التي يتوقع القائد أن يصل إليها من مرؤوسيه فما يتم تعويضه في وقت تنفيذ العمل والمهمة يتم فقده على مستوى جودة إنجازها.
فالعمليات البشرية أكثر حساسية للجودة من أي عمليات أخرى حيث أن الظروف التي يتم توافرها في هذه العملية تُماثل مُخرجَاتها ولذلك، توفير إمكانية السيطرة على العمليات لها قدرة كبيرة وهائلة على تشكيلها وتحييد دور المؤثرات الخارجية ولذلك تعتمد أي مهمة عمل على الكفاءة والمُدخَلات فقط بينما يقل اعتمادها على اي عنصر آخر. إذن فالسريع والجيد نادرا ما يلتقيان، يقول بيهر جيلنهار أحد خبراء علم الإدارة: "عندما يقوم على الإنتاج أناس يحبون عملهم ستكون مُخرجَاتهم على أعلى درجة ممكنة من الجودة دون أن يفكروا بمستوى تلك الجودة وهم يعملون".
فإن أهم طريقة لتحسين سرعة الأشياء الجيدة هي ببساطة التحلي بالصبر حتى لا تُصبح مضطراً لإعادة العمل أو محاولة تصحيح الأخطاء الناتجة عن تلك السرعة. لكن بالطبع، هناك دائما استثناءات. فهناك بعض الأشخاص القادرين على إنتاج أعمال عالية الجودة بسرعة. لكن كل ما تحدثنا عنه كان بالنسبة للجزء الأكبر، إذا كنت ترغب أن تكون جودة منتجك أو عملك جيدا، فعليك أن تكون مستعدا للإنتظار. فالجودة تستغرق وقتا. فالجودة والسرعة نادراً ما يلتقيان ، وعندما يلتقيان، يخلقان شيئًا مميزًا.


الكاتب / طارق محمود نواب

اعلامي بشبكة نادي الصحافة الإلكترونية


غاليه الحربي غاليه الحربي
المدير العام

المالكة ومدير عام ورئيس تحرير صحيفة شبكة الصحافة للنشر الالكتروني - مدير عام المنابر التعليمية والتربوية بالشبكة

0  343 0

آخر المعجبين بالخبر

التعليقات


اكتب تعليقك هنا

اخبار مشابهة

اخبار مقترحة