(سلسلة أسئلة وإجابات  
حول الأمراض النفسية وتأثيراتها على الصحة الجسدية، الجزء الأول)

ستكون معنا ضيفة هذه السلسلة  الدكتورة غفران العبيدي اخصائية الطب النفسي وطب الإدمان. 

(الجزء الأول )

يسرنا أن نستضيف الدكتورة غفران العبيدي 
معنا في حوار  على مدار أجزاء هذه السلسلة لتُحدثنا عن الصحة النفسية وتُفيدنا من فيض علمها بارك الله بها. 

بسم الله نبدأ حوارنا 

س ١ / دكتورة ھل للأمراض النفسیة تأثیرات على الصحة الجسدیة؟

قیل في الأثر أن العقل السلیم في الجسم السلیم ، لكن العلم الحدیث الیوم یجد أن العقل السلیم أیضا مھم جدا للحفاظ على جسد سلیم ، حیث تؤثر الصحة النفسیة على الصحة الجسدیة بشكل لا یمكن انكاره و مُثبت من خلال الدراسات و الابحاث الطبیة ، التي أظھرت ارتباط الأمراض النفسیة مثل الاكتئاب و القلق بإزدیاد احتمالیة الإصابة بمرض السكر من النوع الثاني 

-وبعض امراض اخرى منها :

 • أمراض القلب التاجیة 
• أرتفاع ضغط الدم •ضعف المناعة
• الامراض السرطانیة •أضطرابات المعدة 
• القولون العصبي •بالاضافة إلى التسبب بتفاقم أعراض الربو و امراض المناعة الذاتیة كالذئبة الحمراء و الروماتزم الرثوي . 

-كما أن وجود الأمراض النفسیة یجعل معالجة الأمراض الجسمانیة أكثر صعوبة و تعقیداً. 
حیث ترتفع نِسب الوفیات في مرضى أمراض القلب و الشرایین و مرضى السرطان المصابین بالاكتئاب و الأمراض النفسیة الأخرى. 

-كذلك فإن الأمراض النفسیة تترافق في ٥٠-٨٠٪ من الحالات مع اضطرابات النوم كالأرق و انقطاع النفس اثناء النوم و النوم غیر المنعش الذي یؤثر بدوره على الصحة العامة للجسم و انتظام عملیات الأیض و الھرمونات فيها. 

- تكون العلاقة بین الأمراض النفسیة و اضطرابات النوم متبادلة حیث تحدث الأمراض النفسیة اضطرابات النوم و بالمقابل فإن وجود اضطرابات النوم یجعل الأعراض النفسیة اسوأ و أشد . 

- تؤثر الاضطرابات النفسیة بصورة غیر مباشرة على الصحة الجسدیة من خلال ارتباط الأمراض النفسیة بالكثیر من السلوكیات المُھدِدة لصحة الانسان و حیاتة، كسلوكیات ایذاء الذات ، محاولات الإنتحار ، السلوكیات الإدمانیة كالتدخین و تعاطي الكحول و المخدرات و الانغماس في السلوكیات الإندفاعیة المتھورة كالمشاجرات و القیادة الطائشة و العلاقات الجنسیة المتعددة و غیر الآمنة و غیرھا.

-كما أن الأمراض النفسیة تجعل الانسان أكثر خمولا و أقل دافعیة للاھتمام بصحته و الإلتزام بنمط حیاة صحي كممارسة الریاضة و تناول الطعام الصحي و ترك العادات الضارة بالصحة . 
كل ھذا یجعل الاھتمام بالصحة النفسیة وسیلة اساسیة للحفاظ على الصحة الجسدیة .

س٢ / ما مدى خطورة المرض النفسي على الفرد و المجتمع؟

تترك الاضطرابات النفسیة أثرا واضحا و عبئا كبیرا على الفرد و المجتمع من حیث الواقع الاقتصادي و الإجتماعي لكلیھما 
-كما تشیر العدید من الأوراق البحثیة إلى أن الأمراض النفسیة مكلفة اقتصادیا للفرد و المجتمع سواء بصورة مباشرة من خلال تكالیف المستشفیات و العلاجات و العیادات الطبیة أو بصورة غیر مباشرة من خلال تأثیرھا على الدخل الفردي و الانتاجیة بسبب الإعاقات و الغیابات التي تُسببھا في الوظائف . 
على صعید الفرد فإن  كلفة الامراض النفسیة تساھم في زیادة مستویات الفقر و الذي بدوره یمثل عاملا مساعدا لانتاج و تفاقم الأمراض النفسیة و بالتالي یغذي حلقة مفرغة من المرض و الفقر . 

-كذلك فإن التشرد والسجن من الأمور الشائعة للأشخاص الذین یعانون من أمراض نفسیة ، مما یؤدي إلى تفاقم تھمیشھم وعدم استقرارھم. 

-یمكن أن تزید معدلات الإصابة بالأمراض العقلیة بین المشردین عن 50٪ وتكشف الدراسات أن أكثر من ثلث نزلاء السجون یعانون من أمراض نفسیة. 

-اضف إلى ذلك أنه غالباً ما یفتقر الأشخاص المصابون بأمراض نفسیة إلى فرص التعلیم وتولید الدخل ، مما یحد من فرصھم في التنمیة الاقتصادیة ویحرمھم من العلاقات الاجتماعیة والمكانة داخل المجتمع.

-على سبیل المثال ، من بین جمیع الإعاقات ، یرتبط المرض العقلي الحاد بأعلى معدلات البطالة و التي تصل إلى 90٪ ، الشيء الأكثر ایلاما أن الأشخاص المصابین بأمراض نفسیة غالباً ما تنتھك حقوقھم الإنسانیة في المجتمع او حتى بین اسرھم ، فقد یتعرضون إيضاً لظروف معیشیة غیر صحیة وغیر إنسانیة ، وإساءة جسدیة وجنسیة ، وإھمال صحي و عاطفي . 

-أما على صعید المجتمع 
فإن الأمراض النفسیة تمثل عبئا اقتصادیا حیث تستنفذ الید العاملة و رؤوس الأموال مما یؤدي إلى ضعف الإنتاج الاقتصادي .

-حیث تُقدر الخسائر الاقتصادیة للأمراض النفسیة في الولایات المتحدة لوحدھا بحوالي ٣ تریلیون دولار سنویا ، تؤدي ظروف الصحة والنفسیة في كثیر من الأحیان إلى وقوع الأفراد والأسر في براثن الفقر وتعوق التنمیة الاقتصادیة على المستوى المحلي .

-و قد قدرت دراسة احصائیة حدیثة أن الأثر العالمي التراكمي للاضطرابات النفسیة من حیث فقدان الناتج الاقتصادي سیصل إلى 16000 ملیار دولار أمریكي على مدى العشرین سنة القادمة .

-نكمل الجزء الثاني من حوارنا مع الدكتورة غفران العبيدي يوم الاربعاء المقبل بإذن الله. 

-ضيفة الحوار : الدكتورة غفران علي العبيدي 

-إعداد وكتابة اسئلة الحوار الكاتبة :
هويدا الشوا