أسياف

سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

أسياف


الكاتب / د . صلاح عبدالله العرابي


تقدمت خُطاه على وقع صداه والضد لديه يأكل من ضده وقد لايُبالي بما بداخله فهو مُعتم وفارغ فالدرجات المُتعرجة العديدة كانت انثناءات زواياها حادة إلى درجة الخشية من الوقوع بها . هبط بحذر من خلال ذلك المنظر الذي كان يمده بكل شيء فقط من خلال مصابيح كادحة أضرمت الصمت في ماتبقى من ألحان ٍ كانت في يومٍ من الأيام تُطرب الشتاء بجدائل باسمة وناعسة . الكل كان يحيط بخطواته التي لم تتلعثم خطاه فيها ربما من شدة انبهاره بألوان ظله التي سوف يطويها الزمن تحت الثرى ولكنه لايزال مصراً على خلود البكاء في أقبية الريح وذلك ماكان يمثل حاجزاً لديه دون أن تمتد يد الماضي إلى خاصرته الحزينة . كانت الدرجات طويلة ومتفرقة وكان يشدو مهدهداً بذاته وهو حائر داخل هندامه. وصل إلى المنتصف وهو لايزال جزءاً من تلك الأطلال الحلزونية التي كانت سعيدة بزنابقها المقصبة لتحيته وتعلية ابتسامته المرسومة بفرح على ذلك الوجه المالح بالرغم من سعادته اللاهثة خلف رماد مايتصوره بأنها حياة قد تمتد فصولها إليه إلى مالانهاية . سحبٌ قد تكون عاتية حجبت عنه تلك الرؤية الواضحة في مسار رحلته التي هبطت عليها قدماه من خلال انحناءات مفترق الطرق لدى درجاته المتعرجة . أوجه مختلفة يراها أمامه دون أن تعير اهتمامه تزدهر حيناً في تقاسيم بشرتها وحيناً آخر مع قهقهات أفئدتها الصلبة تماماً كما هو . يقف مكتوف الأيدي بإرادته ولاتملك وجنتيه إلا أن تسقيها تلك الدموع الاُجَاج المُرة المنسابة من تلك الأعين الجافة المنتفخة والتي تعتصر الألم اعتصاراً يرى ذلك أمامه وهو يتقطع في ارتعاش بكلمات غير واعية . ربما حاول أن يلتف حول نفسه بعمق ليأخذ بيد مساربه علَّه يرسم في الأفق الآتي ما أنشدته يداه التي كان يرى فيها مشاربه تتصدع على تلك التلال الرملية بعيداً عن حقولها الخضراء وبساتينها النابضة بالحياة . لم يستطع أن يجمع ذرات بقايا عظامه النخر الهش الذي تمرد بذهول عليه حينها انطلقت تنهداته غير المستفزة في رحم اللحن الذي تناثرت لتوه نغماته وهي أسيرة في جوف أحلامه التي كانت زخاتها لاتعرف الربيع.لازال يسير ببطء وربما شارف على الإنتهاء من عد خطواته التي عفَّى عليها الزمن حينها احتضنه ذلك الميدان المارد بألوانه الفرحة والباذخة ولازال يتبختر داخل خريفه وأقدامه بالرغم من صوتها الضائع إلا أنها كانت تسير حافية عبر تلك الشواطىء التي كانت اوجه خلجانها غائرة بحدود لامعالم لها فمعالمها كانت تتأمل حدود الممكن من ألوانها الكئيبة أما ماكان يسمى بالشق الآخر من غير الممكن فقد كان مزروعاً على وجنة ذهول أشواقه الطافية في زحمة ألوانه الغابشة توابيت أموات مصطفة وقف يناظرها وهو في نقطة المنتصف في ذلك الميدان الفسيح المغروز بين أحضان روما القديمه حيث سارت دون أن يسير هو أو يجر ذيول هزيمته ! سارت وهي صامتة رشيقة تتلألأ أعينها أمام كل العابرين أما هو فوقف جامداً ساكناً بارداً في مكانه كتمثالٍ قديم يحكي قصته للآخرين.فهل من مُتَّعِظ !!!


غاليه الحربي غاليه الحربي
المدير العام

المالكة ومدير عام ورئيس تحرير صحيفة شبكة الصحافة للنشر الالكتروني - مدير عام المنابر التعليمية والتربوية بالشبكة

2  302 0

الكلمات الدلالية

آخر المعجبين بالخبر

التعليقات


اكتب تعليقك هنا

اخبار مشابهة

اخبار مقترحة