نعمة التنوع

نعمة التنوع

سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

نعمة التنوع

الكاتب / محمد منصور

العلاقات الإنسانية بشتىٰ صورها خُلقت لجعل حياتنا أكثر مرونة يَسهُل من خلالها تبادل المعرفة والمنفعة ويزدان بها التلاقي الذي يجمع أطرافها على أسس ثابتة يُتوجها الود إذا ما حضر الخلاف وتلوح فضيلة التماس الأعذار بينهم وتأتي المشاركة البناءة لتدعم اللحمة المجتمعية ويظهر سحر التغافل لتمرير هفواتهم وتَبْرُز مَزِية تقبل الطرف الآخر واحترام خصوصيته.. أما إذا تحولت تلك العلاقات إلى منصة للدفاع عن الرأي الأوحد ( الوعي المُتصلب) وللفوز في معارك خاسرة والاستغراق في جدلية لامنتهية !!
فهذا كله يُعدُ استنزاف جارف للطاقة التي ائتمننا الله عليها ومنحنا إياها لنقوى بها على عبادته وكسب معاشنا وتدبير شؤوننا الحياتية .. يحدث هذا الخلل نتيجة عدم فهم البعض لنعمة التنوع وتطبيقاتها التي أوجدها الله فأرادنا سبحانه متباينين في أشكالنا وألواننا وقدراتنا النفسية والعقلية وعَدَدَ جل علاه مشاربنا الثقافية والإجتماعية .. لتتنوع العادات والتقاليد والأعراف ويصل هذا التميز إلى طقوس أفراحنا وفلكلوراتنا الشعبية والباسنا التقليدية . فيجعلنا هذا التمايز نشعر بوجودنا "نحن" وسيوصلنا إلى حقيقة خالدة تتمثل في أنه لا توجد فكرة واحدة ولا اتجاه واحد في هذه الحياة وبالتالي سنتعرف على أنفسنا وذواتنا وقدراتنا التي أوجدها الله -سبحانه وتعالى- فينا وسنستطيع التعامل مع الآخرين بِفِعْل هذا التباين .. فالتنوع هو التقاء من نوع فاخر ..
وعند تأمل قوله تعالى ( وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا) فسنجد أن التنوع الذي ذُكر هنا يتجاوز المعرفة المجردة إلى مفهوم التعايش المحمود وليس التطابق المُحال .