وسائل التواصل الاجتماعي و آفة المتطفلين

سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

وسائل التواصل الاجتماعي و آفة المتطفلين


الكاتب / بندر نواب


ما كان لمجتمعنا البشري أن يصل إلى ما هو عليه اليوم من علم و نهضة حضارية لولا أحد طبائعه الخاصة التي زرعها الله به... "الفضول"... الذي ساعد العلماء على اكتشاف الكون و يساعد الإنسان على اكتشاف نفسه... فهل إنسان اليوم يحاول اكتشاف نفسه أم التجسس على غيره؟! و إلى متى سنبقى في طور الانحدار الأخلاقي و المعرفي الذي نشعر به حين نبقى نصف ساعة على وسائل التواصل الاجتماعي؟! فهل من مجيب لاستغاثة أولئك من يعانون من المتطفلين من بعض أصحاب المنابر على السوشيال ميديا؟!
لا يخفى على أحد اليوم أننا وصلنا إلى مراحل متقدمة جداً من العلم و التطور... لكن ما هو الثمن الذي لا يود أحد الاعتراف به! الثمن هو أن البيت و الأسرة كانت وطناً لأفرادها بدفئه و حنانه و خصوصيته، أما اليوم فقد أصبح البيت الخاص كحديقة الكترونية يصول فيها  يجول من أراد ذلك و متى أراد! 
بفضل من يسمون أنفسهم مشاهير و مؤثري وسائل التواصل، أو البعض منهم ممن يظنون انفسهم أنهم مؤثرين حقيقيين، لكن بأي اتجاه! الذين فهموا بأن التواصل هو الوصول إلى حياة الناس و كشفها لحصد مشاهدات و أموال هي ثمن لخصوصية أسرة أو فرد ليس بالضرورة أن يكون قد كشف خصوصيته بإرادته، بل بسبب الفضول القاتل لأولئك الذين يسمون أنفسهم بإعلاميي العصر الحديث و السوشيال ميديا، أو بالأحرى بسبب حبهم و شهوتهم للشهرة و المال، أما الفضول فقد أصبح بعيداً كل البعد كما فطرتهم الإنسانية السليمة! دون أن نعمم طبعاً فالكثير من إعلاميي السوشيال ميديا يقدمون محتوى هادفاً يفيد المجتمع و الإنسانية. 
عائلات تفككت، و علاقات خُرِّبت، باسم حرية الإعلام، أذلك إعلام أم تجسس و تطفل! كثير من حسابات وسائل التواصل أخذت على عاتقها اليوم مسؤولية كشف أسرار بيوت و منازل الناس، و مراسلوها من أصحاب الخلق الذميم والوقاحة الزائدة ممن يقتنصون المشكلة أو الفضيحة اقتناصاً، و يسارعون إلى مكان الحدث ليأخذوا الصور و الأخبار من غير إذن أو تصريح من أهل ذلك المنزل! 
فضائح رهيبة و قصص خاصة لا يجب أن يدري بها أحد، بل يجب على الجار إن سمع من غير قصد ما يحدث في منزل جاره من هذه الأمور أن ينسى و يتناسى! اليوم مشاهير و جراثيم التواصل الاجتماعي وصلت إلى كل ما يخص امور الناس من طعامهم و شرابهم و نومهم و عملهم، فماذا بعد؟!
أي ذي عقلٍ راجح سيعلم بأن هدف أولئك المتطفلين الطفيليين هو المال أو حصد المشاهدات، لكن ذو النظرة الشمولية سيعلم بأن هدفهم الخطير و شرهم المستطير يقبع خلف تلك الأقنعة، فحين التفكير قليلاً بأمر أولاء سنجد أن ما يبذلوه من مالٍ و جهد في سبيل صنع محتواهم يبلغ مقادير كبيرة ورهيبة، بعضهم فعلاً أغراه حب المال و الشهرة فأخذ لنفسه مهنة الطفيلي، و بعضهم الآخر من أصحاب الشر و الخبث الأكبر يروجون لأمور و أفكار و قيم غريبة عنا و غير متناسبة مع مجتمعنا الإسلامي. 
لا نريد أن نتحدث كثيراً بنظرية المؤامرة و المتآمرين، و على من يريد اتهامنا بذلك أن يوضح لنا لماذا اليوم الفرد المسلم يرى على جواله أموراً و أشياءً منافية للإسلام، لا بل منافية للإنسانية أيضاً و الفطرة السليمة، و المصيبة الجليلة أنه يراها و يسمعها بلسان عربي فصيح! 
حب الشهرة ليس بخطأ عندما يريد الشخص أن يكتسب شهرة نافعة و مفيدة للناس، و الكثير من رواد وسائل التواصل الاجتماعي عرفوا فائدتها و قوة تأثيرها فوظفوها للعلم و الخير. و حب المال حرية شخصية طالما أنه يأتي مما لا يؤذي أي أحد، لكن أولئك "المشاهير" تجاوزوا الحدود و عبروا حواجز الخصوصية و الأخلاق و انتشروا كمرض مستفحل سيهتك بجسد امتنا إن لم يتم تدارك الأمر و معالجة المشكلة، و الحل يبدأ من الفرد نفسه الذي حين يشاهد محتواهم و يتابعهم يعمل على تغذية الشيطان و تنمية أثره و ضرره.


غاليه الحربي غاليه الحربي
المدير العام

المالكة ومدير عام ورئيس تحرير صحيفة شبكة الصحافة للنشر الالكتروني - مدير عام المنابر التعليمية والتربوية بالشبكة

0  389 0

الكلمات الدلالية

آخر المعجبين بالخبر

التعليقات


اكتب تعليقك هنا

اخبار مشابهة

اخبار مقترحة